انت هنا : الرئيسية » اخبار » التيار ينعى عبدالصاحب سعيدي، المعلم الذي ناضل في خندق المدرسة

التيار ينعى عبدالصاحب سعيدي، المعلم الذي ناضل في خندق المدرسة

من اليمين: الأستاذ عبدالصاحب سعيدي و بنوان شرهاني

من اليمين: الأستاذ عبدالصاحب سعيدي و بنوان شرهاني

قُم للمعلمِ وفّهِ التبجيلا  ** كاد المعلمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي ** يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

توفي يوم الثلاثاء الحادي والعشرون من نوفمبر 2017 المعلم والمثقف الأحوازي عبدالصاحب احمود الشرهاني (سعيدي) هو وأحد أبناء عمومته المعلم الخلوق بنوان عاصي الشرهاني في حادث سير مؤلم أثناء سفرهما من طهران الى الأحواز.

وينحدر الفقيد عبدالصاحب من عائلة مناضلة ضحت بأعز أفرادها في سبيل القضية الأحوازية، حيث فقد اثنين من أشقائه وعدداً آخرمن بنو عمومته في سبيل الدفاع عن حقوق الشعب العربي الأحوازي. لقد أعدمت السلطات الإيرانية شقيقه الشهيد شبل احمود الشرهاني في 1982، وقامت باغتيال شقيقه الآخر عبدالجليل احمود في العراق في عملية جبانة نفذها جهاز المخابرات للدولة الإرهابية في ايران.

كان الأستاذ عبدالصاحب (أبو أمجد) من نوادر المعلمين الملتزمين بقضيتهم العادلة في مجتمعنا الأحوازي، خاصة في تلك الظروف والأجواء الأمنية الحالكة التي كان يمر بها مجتمعنا، حيث وقع الجانب الأكبر من المسؤولية على عاتق المعلمين والمدرسين في توعية طلاب المدارس وتهيئتهم لبناء جيل في المستقبل يتمكن أن يأخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن حقوق شعبه. وكان الأستاذ عبدالصاحب الى جانب سائر زملائه من أمثال الأستاذ المرحوم مجيد نيسي، الاستاذ كيا، و.. يقومون بالدور التوعوي والتربوي والنضالي في آنٍ واحد، حسب مقتضيات تلك الفترة.

وبذلك قد عرضوا أنفسهم للخطر، وفي حالة فقيدنا، الأستاذ عبدالصاحب، تتزايد الأمور خطورة وصعوبة، خاصة وأن أخاه قد أعدم على يد جلاوزة النظام، فكانت كل تحركاته تحت المجهر من قبل جهاز المخابرات الإيراني والحرس الثوري وعناصرهم من الباسيج في المدارس. ولكن ورغم كل هذه الأمور لم يتوانى الفقيد لحظة في بث الوعي القومي بين صفوف الطلاب العرب وكان يفعل ذلك بحنكة وحذر حتى لا يتعرض أحد من تلاميذه للخطر.

و لعب الفقيد دوراً بارزاً في تهيئة طلاب المدارس للخروج في الاحتجاجات التي جاءت على أثر مقال مهين للعرب في جريدة اطلاعات الايرانية في 1985، الاحتجاجات التي عرفت فيما بعد بانتفاضة اعادة الكرامة.

وقد استخدم معلمنا الفقيد فرصة الإرتباط المباشر بطلاب المدارس الثانوية في مدينة الأحواز بأحسن طريقة ممكنه، ولكن هذا الأمر لم يستمر كثيراً حيث أرغمته السلطات الإيرانية على الإنتقال الى طهران في 1996 وذلك بعد عملية اغتيال شقيقه الشهيد عبدالجليل احمود الشرهاني على يد جهاز المخابرات الإيرانية، لتُضيّع بذلك عليه فرصة أداء واجبه في تربية الأجيال.

لكن هذه المحاولة لم تمنعه من مواصلة أنشطته بالطرق التي كان يراها مناسبة، حيث لجاء الى الكتابة والبحث العلمي، وترجمة بعض الكتب من العربية الى الفارسية. وكتب العديد من المقالات والدراسات طُبع البعض منها ولكن الكثير منها لم ترى النور . وفي هذا المجال قام بترجمة كتاب الأسطورة والامبراطورية والدولة اليهودية (المفاوضات السّرية بين العرب واسرائيل) لمحمد حسنين هيكل، وكتاب رأفت الهجان لصالح مرسي حيث كان للكتاب الأخير أثر كبير في الساحة الأحوازية في تلك الآونة. ولما سُئل ذات مرة عن الأسباب التي دفعته الى ترجمة كتاب رأفت الهجان، أجاب أنه يريد أن يوصل رسالة الى أبناء شعبنا الذين يعملون مع النظام الايراني بأن الأبواب مفتوحة لخدمة شعبهم، وبامكانهم أداء واجبهم الوطني حتى ولو كانوا في عمق الاستخبارات الايرانية.

لم يكن الاستاذ عبدالصاحب مجرد معلمٍ لطلابه فحسب، بل كان قدوة، ومرشداً، وصديقاً حميماً لهم حيث كانوا يلجأون اليه في الكثير من أمورهم. وان الشجرة التي غرسها قد أتت ثمارها بعد حين، حيث تخرج على يده، هو وزملائه، جيل من الشباب الواعي أخذوا على عاتقهم مهمة المطالبة بحقوق شعبهم بأساليب مختلفة، نرى الكثير منهم قد التحق بركب المناضلين الأحوازيين.

 ومن هنا يتبين لنا أهمية دور المعلم والمسؤولية الخطيرة التي تقع على عاتقه. ان مجتمعنا اليوم بحاجة الى أمثال المعلم الفقيد عبدالصاحب احمود الشرهاني. طابت روحه الزكية واسكنه الله في أعلى عليين مع الشهداء والصديقين.

وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز بالتعازي الحارة الى جميع أبناء شعبنا خاصة الى شريحة المعلمين والى ذوي الفقيدين سائلين الله أن يتغمدهما بواسع رحمته ويلهم أهلهما الصبر والسلوان. كما لا يفوتنا أن ندعو بالشفاء العاجل للجرحى من هذا الحادث المؤسف.

التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى