انت هنا : الرئيسية » اخبار » الأحوازيون وتقارير أحمد شهيد … بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

الأحوازيون وتقارير أحمد شهيد … بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان،
قبل بضعة أيام كنت أتحدث مع أحد النشطاء الأحوازيين في مجال حقوق الإنسان وكان قد لفت انتباهه تغيير في تقرير أحمد شهيد الأخير. كتابتي لهذه السطور جائت نتيجة للنقاش الذي دار بيننا وما تأجيلي الى اليوم العالمي لحقوق الإنسان إلا ليكون وسيلة لطرح هذا الموضوع الهام وفي نفس الوقت فرصة طيبة للإشادة بعمل جميع النشطاء الأحوازيين الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان.

يحتفل المجتمع العالمي في 10 كانون الأول/ديسمبر من كل عام بذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.ومنذ 1950 قرر المجتمع الدولي تتويج هذا اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان حيث تعقد الندوات وتقام البرامج الخاصة بهذه المناسبة العالمية لتعريف حقوق الإنسان والواجبات المترتبة على الدول وضرورة مراعاتها.

thumbs_en_compilation_711405482-1ويعين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان لتقديم تقارير وتقديم المشورة بشأن حقوق الإنسان من منظور موضوعي ولرصد انتهاكات حقوق الإنسان في الدول التي تنتهك حقوق مواطنيها. وبما أن النظام الإيراني الحالي ومنذ بداية تأسيسه يعتبر من الأنظمة المعادية للإنسانية والمنتهكة لإبسط الحقوق الأولية للإنسان، لقد أقلق المجتمع الدولي تعامل هذا النظام مع المواطنين والفئات الإجتماعية المختلفة كالشعوب غيرالفارسية، وأصحاب الديانات والمذاهب المختلفة، والنساء، والمهاجرين الأفغان، والصحفيين والكتاب، والنشطاء السياسيين. وبناء على ذلك لقد قامت الإمم المتحدة بتعيين خمسة عشر مقرراً منذ عام 1981 في المجالات المختلفة لحقوق الإنسان ابتداءاً بأولوف بالمة، رئيس الوزراء السويدي الراحل، مروراً برينالدوغاليندوبل، وانتهاءا بأحمد شهيد، وزير خارجية مالديو.

لقد تأخر النشطاء الأحوازيين في درك أهمية التحرك على المؤسسات الراعية لحقوق الإنسان، خاصة الأمم المتحدة، للمطالبة بحقوق شعبهم. ولم يدرجوها ضمن جدول أعمالهم إلا في فترة قريبة جداً، عند ما زار الأحواز ميلون كوتاري، المقرر الأممي الخاص المعني بالسكن اللائق، في 2007. لذلك نرى التقارير السابقة التي رفعها المقررون الأمميون خالية من ذكر معاناة شعبنا ولم تتطرق الى الانتهاكات التي يواجهها عرب الأحواز كقضية شعب، وكانت تكتفي بذكر المعاناة التي كان يواجهها الأفراد في المناطق المختلفة من جغرافية ايران.

حتى وإن كان بعض النشاط من قبل الأحوازيين في مجال حقوق الإنسان لكنها كانت متابعات خجولة حيث لم تجد منفذاً الى تقارير الأمم المتحدة كقضية شعب تطرح في التقارير العالمية، إلا بعد ما تولى الدكتور أحمد شهيد مهامه كمقرر خاص المعني بحقوق الانسان في 2011. كان الأحوازيون قد كثفوا من أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان في العامين التي سبقت هذا العام وبدءوا بالتحرك على مؤسسات حقوق الانسان العالمية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس واتش من خلال إرسال التقارير، وأخبار انتهاكات حقوق الانسان في الأحواز، بالإضافة الى الحضور في إجتماعات منظمة حقوق الانسان في جنيف. لذك عند ما تم تعيين أحمد شهيد مقررا خاصاً بحقوق الانسان في ايران لم يفوتوا هذه الفرصة وكثفوا من إرسال تقاريرهم اليه بالإضافة الى التنسيقات التي قاموا بها لإجراء المقابلات والإدلاء بشهادات المواطنين الأحوازيين في البلدان المختلفة.

هذه الأنشطة قد أتت ثمارها من خلال تعيين فقرة خاصة تتعلق بالشعب العربي الأحوازي في كل التقارير التي أصدرها أحمد شهيد. على سبيل المثال في تقريره الأول الذي صدر في 13 سبتمبر 2012 ذكر أحمد شهيد كثيراً من المعاناة التي يواجهها الشعب العربي الأحوازي. فيشير في جانب من تقريره الى ارتفاع نسبة التسرب بين الطلاب العرب الأحوازيين، وعدم السماح بإصدار الصحف والمواد التعليمية باللغة العربية. وارتفاع نسبة الفقراء بين الأحوازيين على الرغم من حقيقة أن 80 الى 90 في المائة من النفط في البلاد تأتي من الأحواز، الا أن الأحوازيون لا يستفيدون من الثروة الكامنة في المنطقة حيث يعيش أكثر من أربعة ملايين منهم في الأحياء الفقيرة. وأكد التقرير على تلوث البيئة ونقص في المياه والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة الى تحويل المياه من نهر كارون الى المحافظات الأخرى. كما أشار التقرير إلى انتفاضة نيسان 2005 .

ويشاهد المتابع للتقارير الصادرة عن أحمد شهيد أنها لا تخلو من ذكر الأحوازيين، والأمر الملفت للنظر فيها هو تعريف الشعب العربي الأحوازي بعرب الأحواز (Ahwazi Arab) وتكرار هذه العبارة في خمسة من التقارير الصادرة عن المقرر الخاص. وهذا يعتبر تثبيتا لعبارة “عرب الأحواز” في المواثيق الدولية.

لكن النظام الإيراني لم يتوانى في الضغط على المقرر الخاص للأمم المتحدة وكان من ضمن الأمور التي أكد عليها هذا النظام الغاشم هي عبارة “عرب الأحواز” التي أغضبته لذلك اشترط حذف هذه العبارة. وفي أحد إجاباته على تقارير أحمد شهيد نقرأ ما يلي:

  • ” استخدام عبارة “عرب الأحواز” تعتبر بأنها بدوافع سياسية، وبالتالي على النحو المذكور أعلاه، أنها ضد روح الإجراءات الخاصة. هذه العبارة هي في الواقع تعبير مزورة. ولذلك تم تذكير المقرر الخاص أنه يجب عدم استخدام هذه التعبيرات والعبارات ذات الدوافع السياسية التي من شأنها خلق الانقسام.”

واستمر النظام الايراني في ضغطه على المقرر الخاص لمحو عبارة “عرب الأحواز” من تقاريره. والهدف من هذا الأمر هو محاولة أخرى منه لمحو هوية الشعب العربي الأحوازي ومنع المجتمع العالمي من التعرف على هذا الشعب. وكرر هذا الطلب في كل الإجابات التي أرسلها الى مجلس حقوق الإنسان. وفي النهاية قد أثّرت هذه الضغوط على الدكتور أحمد شهيد مما جعلته يستلسم أمام الضغوط والحيل الإيرانية، حيث غير نهجه السابق واستخدم عبارة “الأقلية العربية”(ِArab minority) بدل عرب الأحواز في تقريره الأخير الذي صدر في 27 أغسطس 2014.

قد تكون تضافرت الجهود الإيرانية مستظهرة ببعض مستشاري أحمد شهيد من الفرس وعدد من المعارضة الإيرانية العنصرية في الخارج، للوصول الى ما كان يرموا اليه النظام الإيراني لحذف اسم الشعب العربي الأحوازي من تقارير الأمم المتحدة، لكن تكاسل النشطاء الأحوازيين وإهمالهم ايضا يستحق التأمل والإمعان. فكان يجدر بهم متابعة الإجابات الإيرانية وإعداد الاستدلالات المناسبة للمغالطات الإيرانية، ولا يكتفوا فقط بإرسال أسماء المعتقلين والشهداء. فإرسال التقارير ومصاديق انتهاكات حقوق الانسان يشكل جزءاً من العمل في مجال حقوق الإنسان ليس كل العمل، فهناك جوانب أخرى لا تقل أهمية عن إرسال التقارير إن لم تفقها. منها على سبيل المثال لا الحصر: رصد ردود الأفعال للنظام الإيراني واتخاذ الإجراءات اللازمة (كما سبق وتم الإشارة اليه)، ومعرفة القوانين والمواثيق الدولية التي تخص حقوق الشعوب والأقليات العرقية. فان العمل في مجال حقوق الإنسان يحتاج الى مهنية واحتراف ومعرفة بالقوانين والمواثيق الدولية.

فمنع أي شعب من أن يختار إسما له وحرمانه من هذا الحق الطبيعي هو إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وبما أن النظام الإيراني لا يمثل كل الشعوب المتواجدة في جغرافية إيران فلا يمكنه أن يختار أسماء لهم، لأن في حالة الأحواز قام هذا النظام بتغيير أسماء المدن والقرى، وحتى حرمهم من إختيار أسماء عربية لأطفالهم، ويحاول بشتى الطرق والوسائل القضاء على هذا الشعب ومحو هويته وكما لم يسترجع إسم الإقليم (عربستان) الذي غيره النظام البهلوي السابق. فكيف يمكن لهذا النظام أن يختار إسما لشعب يريد محو هويته. بناء على هذا الأمر، في ظل الظروف الحالية التي لا تتيح إمكانية الوصول الى الشعب وأخذ رأيه، تعتبر التنظيمات الأحوازية، التي تدافع عن حقوق الشعب وتناضل من أجل استرجاع حقوقه المسلوبة، خير ممثل للشعب العربي الأحوازي. وكل هذه التنظيمات اختارت تسمية “الشعب العربي الأحوازي” لتعريفه و تعتبر عبارة “عرب الأحواز” (Ahwazi Arab) هي الأقرب لهذا التعريف.

إن سكوت نشطاء حقوق الإنسان الأحوازيين على التغيير الذي حصل في تقارير أحمد شهيد ومرورهم عليه مرور الكرام قد يضيع كثيراً من الثمار التي جنوها في السنوات الماضية. ويمكن أن تستمر هذه الضغوط الإيرانية لمحو حتى كلمة “العرب” و استبدالها بعرب اللسان مثلاً. فهذا الأمر يستحق اتخاذ خطواط عملية دقيقة لإعادة المياه الى مجراها الصحيح. و في نفس الوقت لابد من الإشارة الى أهمية الحفاظ على حلقة الوصل الموجودة بين منظمات حقوق الانسان الأحوازية والمقرر الخاص المعني بشأن حقوق الإنسان في ايران، وإيجاد طرق مباشرة للإرتباط به وتزويده بتفاصيل أكثر حول انتهاكات حقوق الإنسان في الأحواز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبدالرحمن الأحوازي

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى