انت هنا : الرئيسية » ثقافة ومجتمع » الدور التاريخي لـ “المناصب” ودعاتها في غرس وتنمية جذور الاحتلال

الدور التاريخي لـ “المناصب” ودعاتها في غرس وتنمية جذور الاحتلال

كان قد تم إدخال العربي زيد بن عدي وذلك بعد قتل أبيه على يد الفرس تم إدخاله في بلاط فارس وترعرع هناك، فحصل على منصب رفيع تحت عنوان “مترجم وكاتب ومستشار” لكسرى. فبعثه كسرى حتى يجلب له هند بنت النعمان بن المنذر ملك الحيرة، ومعها أختها وبنات أعمامها، يجلبهن الى المدائن كي يتمتعون بهن كل من كسرى وأبنه، غير أن كسرى وزيد بن عدي كانوا على علم، ان العربي لا يزوج ابنته لغير العربي، وإن كان هذا العريس ملك الفرس، أو ملك الروم، فما بالك إن كان هذا الحدث عبارة عن أمر من كسرى باغتصاب فتيات عربيات من صلب أسرة ملوك بني لخم !

وصل زيد الى الحيرة وبصحبته فارسي وحماية من القصر الساساني. فقوبل الطلب بالرفض، وحدث على إثر ذلك حدثا كبيرا معروف لدينا، بـ “معركة ذي قار” حيث انتصر العرب على الفرس وتم إبادة الجيش الساساني.

نتيجة الحدث؛ لزيد بن عدي، السجن والتنكيل، ولإبن المنذر الخلع من سلطنة الحيرة ومن ثم قتله على يد الفرس، وتسليم الحكم الى عربي اخر، من بين الباحثين عن المناصب، يدعى إياس بن قبيصة.  فأصبح ابن قبيصة ملك الحيرة قبالة العمل لصالح الفرس ضد أهله العرب.

لا أريد هنا مناقشة التاريخ، ولكن كان لابد لي ان ادخل بهذه المقدمة، وأستمر كذلك متمسكاً بالتاريخ في عدة محطات، لتوضيح بعض الشيء مما يتكرر على حساب الشعب والأرض الأحوازيين ويأتي ذلك عبر تعاطي البعض مع الاحتلال الفارسي لبلادنا، حسب المصالح الفردية أو الفئوية وغيرها من مآرب، متمثلة بالعمل على الحصول على مناصب حكومية في الدولة الفارسية، حيث يعرقل اصحاب هذه المناصب مسيرة الشعب في التخلص من الإحتلال.

وأحاول في هذا المقال مستشهداً بعدة أمثلة تاريخية كما ذكرت، منها كما مضى في المقدمة، وحاضرة أخرى في حياتنا، مستشهداً كي أبرهن أن شعب الأحواز لا له أي طريقة للخلاص من القهر والظلم والاستبداد والتخلف والحرمان والفقر والعبودية الناتجة عن الاستعمار الفارسي، سوى العمل على تنفيذ حق تقرير المصير بحقه، وذلك عبر العمل التنظيمي المستمر الهادف الى التعبئة الجماهيرية، دون هوادة.

والمناصب التي يقدمها الاحتلال لبعض أزلامه الذين زرعهم بين الاحوازيين، أو الذين ترعرعوا بين احضان الفرس، أو المناصب التي يديرها المهجنين، ما هي إلا أدوات لتثبيت هذا الاحتلال واستمراره، على حساب الأحواز شعبا وأرضا، وتقتل هذه المناصب التي صنعها ويصنعها الإحتلال، تقتل الروح الوطنية، وما هي الا إحدى أهم ادوات القضاء على طموح الانسان الأحوازي، فيما يتعلق بالخلاص النهائي من الاحتلال.

 

 

المشعشعيين؛ المناصب في بلاط الصفوية.. والدهاء الحويزي

 

بعد ان اجتاح جيش الامبراطورية الصفوية الحويزة، أي عاصمة المشعشعيين واحتلها، حاول المحتل، ان يدخل العديد من ابناء المشعشعيين في بلاطه، ويغريهم بالمناصب الحكومية، كي يبعدهم كل البعد عن محاولات إعادة الحكم المشعشعي في الحويزة، وكذلك بغية منع تأسيس حركات مقاومة ضد الاحتلال الصفوي. وهكذا دخل بعض ابناء المشعشعيين بلاط الصفوية، حيث احتلوا مراكز قيادية وإدارية في اصفهان.

ولكن ظل حب الوطن المحتل يعيش في قلوبهم والدهاء الحويزي يقودهم، حتى ان سنحت الفرصة المناسبة ونشبت خلافات ما بين شاه سلطان حسين الصفوي ومحمود الأفغان ملك افغانستان، في سنة 1722 للميلاد. فكان أحد ابناء المشعشعيين يمارس دور قيادي كبير في الجيش، وبنفس الوقت كان المشعشعي على علاقة سريّة بمحمود الأفغان، ويتسنى الفرصة للإطاحة باصفهان ثأراً للحويزة. فدعم المشعشعي ملك الأفغان، وبهجوم جيش الأفغان الكاسح لعاصمة الصفويين، سحق هذا المشعشعي الإمبراطورية الصفوية بحوافر خيول الأفغان، حيث ذهبت الصفوية دون رجعة.

وتولى الامر بعد هذه الضربة التي قضمت ظهر الصفوية، سلاطين الأفشار حيث أتخذوا من مدينة مشهد عاصمة لهم وأنتهى دور اصفهان. وفي حينها عادت الحويزة لأهلها ولو بحكم غير مكتمل يتشابه بالوصاية. ولكن من جهة اخرى ظل بعض المشعشعيين في كواليس الحكم الفارسي ويبدو أن كان لهذا العدد من السياسيين الذين ظلوا منتمين لبلاط فارس، كان لهم تأثيرا أكبر من غيرهم في دائرة السياسيين العرب بقيادة المشعشعيين انذاك، ما أدى باستمرار وصاية الافشاريين فيما بعد وتدخلهم المباشر في شؤون الحويزة.

 

 

احتلال امارة المحمرة.. وتقديم مناصب حكومية لأبناء شيخها

 

 وكذلك في تجربة إمارة المحمرة ونهاية الحكم العربي واحتلال الاقليم، حاول الفرس استقطاب ابناء الشيخ خزعل وتوظيفهم في سلطات مختلفة، وإغرائهم، وبالرغم من أن عددا قليلا من هؤلاء دخل بلاط الفرس، الا ان العدد الأكبر كالشيخ چاسب والشيخ عبدالله وغيرهم .. استمروا بالتأسيس لمقاومة وطنية ضد الاحتلال الفارسي، ويواصل أحفاد الشيخ خزعل نضالهم ضد الاحتلال الفارسي حتى يومنا هذا.

 

 

“المناصب الحكومية” بعيد إحتلال المحمرة

 

وبعيد الاحتلال الفارسي ونهاية حكم امارة المحمرة في 1925 تسابق العديد من ابناء رؤوس بعض القرى والمدن، الى الالتحاق بـ “الركن الثاني” في الجيش الفارسي، أي استخبارات الجيش، ومن ثم الالتحاق بالسافاك، أي سلك أمن الدولة الفارسية، وأصبحوا أدوات السافاك عبر الحصول على مناصب في دوائر مختلفة.

 وساهم العديد منهم في دعم الاحتلال، وكذلك لم نرى أن هؤلاء يأتون بشيء لصالح الشعب العربي الأحوازي بعد ما حصلوا على مناصب عليا، وتعاونوا مع الفرس ضد ابناء جلدتهم، غير أن ظل يلاحقهم النقد المتلبس بالهتك والفتك في كل مكان وزمان، ومن المؤكد لن يرحمهم التاريخ، وبعد ذلك نرى هناك العديد من بين هؤلاء عادوا الى رشدهم وحاولوا تعويض الماضي عبر العمل ضد الاحتلال الفارسي.

 

 

“المناصب الحكومية” عبر المصاهرة

 

ليس من منطلق عنصري ولكن يجب مناقشة الحدث السياسي الاجتماعي هذا، حيث حدثت العديد من حالات المصاهرة، بين محبي المناصب من الأحوازيين مع الفرس، بغية حصول هذا العدد القليل على دورا ما لتأمين حياتهم، وإشباع رغباتهم الدنيئة على حساب الحق الأحوازي، الا ان هذه المجاميع الصغيرة كذلك تفهمت خطورة الموضوع، وحاولت الابتعاد عن الماضي عبر العمل ضد الاحتلال.

 

 

” المناصب”.. الحلقة التي أنتجت مفهوم “عرب ايران”

 

ومنذ انتصار ثورة الشعوب في سنة 1979 واختطاف هذا التغيير الكبير على يد الفرس بقيادة الملالي، كذلك كل هذا الماضي والتاريخ لم يؤخذ بعين الإعتبار، ولم يصبح عبرة، ويبدو أن لم يكن يوجد هناك من يعتبر من ماضي الخيانة قبالة الحصول على المناصب.

فنرى بعيد انتصار الثورة وتأسيس أول مؤسسة عربية احوازية عرفت بـ “المركز الثقافي” في المحمرة، ومثيلاتها في المدن الأحوازية الأخرى، تسارع البعض الأخر من دعاة المناصب تحت ظل حكم الملالي، وذهب هؤلاء بجانب الفرس وبايعاز من قبل احمد مدني المحافظ العسكري، ولمجابهة المؤسسات العربية الأصيلة وبغية إضعاف الصوت العربي الوطني، أقدموا على تاسيس مؤسسات سياسية ميليشياوية، وكان أهم تلك المؤسسات التي صنعها الاحتلال الفارسي عرفت بـ “المنظمة الاسلامية لعرب ايران” وهذا الحدث كان النواة التأسيسي لمفهوم “عرب ايران” . كانت إدارة المنظمة الإسلامية لعرب ايران تحت امر وقيادة “عبدالله السلمي” المعروف حينها بـ “أبو وليد”.

وهنا لا أتكلم عن “عبدالله سلامي” المعروف بـ أبو شافع وإنما هذا الشخص أي أبو وليد، رجل عربي عراقي من البصرة ومن اصول يمنية، وسياسي شيوعي، اسمه الأصل “عبدالزهراء الضالعي”، وحين انتصار الثورة الإيرانية التحق الضالعي بركاب ازلام الخميني، وبدليل اتقانه العربية وخلفيته التنظيمية الشيوعية، أصبح قيادي دون منازع في المنظمة الإسلامية لعرب ايران. وتزامنًا مع ذلك كان أبو وليد عضواً بارزاً في اللجنة المركزية لحرس الثورة بقيادة علي شمخاني في الأحواز.

 ولكن نشبت بعض الخلافات فيما بعد ما بين ابو وليد و بعض اعضاء حرس الثورة في الاحواز، فسجن عبدالله السلمي لمدة ستة سنوات في سجن كارون، وبعد ان خرج من السجن توجه الى طرابلس وعاش هناك حتى ثورة ليبيا وسقوط نظام القذافي. (كما يعتقد البعض ان هذا الشخص عربي أحوازي ولكن لا يوجد اي دليل حتى هذا اليوم على اثبات هويته الاحوازية.. والله أعلم).

 وأما الاعضاء الاخرين في المنظمة الاسلامية لعرب ايران مازالوا على نفس النهج، منهم من يعيش في الأحواز، ومنهم من يعيش في طهران، ومنهم في أروبا أو في الخليج. ولعب بعض هؤلاء الذين كانوا يعيشون في الاحواز وطهران دورا خاصاً في زمن الاصلاحات وكرسَوا عقيدة الحصول على “المناصب” بغية حلحلة مشاكل الأحواز السياسية والاجتماعية والتنموية وغيرها في إطار مفهوم “عرب ايران”.

 لا ننسى أن اعضاء المنظمة الاسلامية لعرب ايران كانوا جزءاً أساسيا من ميليشيا حرس الثورة إبان مجزرة المحمرة في عام 1980 ولكن لا أعرف عن مدى تورطهم في مجازر المحمرة وعبادان من عدمها.

وفي حينها وصل كل من هؤلاء الى مبتغاه في الحصول على منصب قيادي في استخبارات الحرس أو في لجنة الثورة الاسلامية (احدى اللجان الأمنية التي تأسست للحفاظ على كيان الملالي وكانت تعرف بالفارسية بـ كميته انقلاب اسلامى) حتى ان اندلعت الحرب الايرانية العراقية. وفي فترة الحرب منهم من انتقل الى وزارة الاستخبارات(اطلاعات) ومنهم من ظل يمارس دوره في الحرس أو في لجنة الثورة.

وحين وضعت الحرب أوزارها في عام 1988 طرد الفرس الكثير من الاحوازيين من اصحاب المناصب القيادية طيلة الحرب الايرانية العراقية ممن عادوا للتو من جبهات القتال وبدأ رفسنجاني بتنفيذ مشروع قصب السكر، فسلبت الارض من الاحوازيين.

 والمأساة هنا ان من قاد هذه العملية اي عملية سلب الاراضي العربية قادها عددا كبيرا من الخونة من بين الأحوازيين المنتمين والحاصلين على مناصب في دولة الاحتلال بوزارات مختلفة.

وحين انتهى تنفيذ مشروع قصب السكر، تم تسليم المشروع للوافدين من الاقاليم الفارسية بغية توطينهم في الاحواز، وطرد هؤلاء العرب من العمل ولم يحصل أحدا على منصب يضاهي خيانته التي ارتكبها بحق وطنه وشعبه.

 

 

“عرب ايران” والمناصب في عهد خاتمي

 

بعد مرور تسعة عشر عاما على انتصار الثورة واطلاق مفهوم “عرب ايران” وتزامنا مع مجيء محمد خاتمي الرئيس الاصلاحي في سنة 1997 ظهر حينها عدد من الشباب العروبي، الذي يحمل على أكتافه هموم شعبه ووطنه، ولكن هذه المرة كذلك دخل الساحة وبايعاز مخابراتي عدد من مؤسسي المنظمة الاسلامية لعرب ايران، آنفة الذكر،  وبمصاحبة من يشاطرهم الرأي.

 وبدأ هؤلاء بالتنظير لعملية إدخال العرب ودمجهم في المجتمع الإيراني، فيما عرفت وصفتهم تلك بـ”الوئام والعيش المشترك” وفي المقابل حصل كذلك عدد منهم على مناصب قيادية في الاقليم أو خارج الاقليم.

 فاما بالنسبة لأبسط حقوق الشعب في ظل الاصلاحات جاءات النتيجة عكسية، حيث ان جبهة الاصلاحات الايرانية التي كانت حينها تتألف من 18 حزب في طهران ردعت ما يعترف به الدستور الايراني لصالح الشعوب غير الفارسية، ولم تسمح تلك الجبهة بتفيذ الدستور، رافعة صوتها بجانب اليمين القومي المتطرف واليمين الديني، رافعة صوتها ضد العرب والشعوب غير الفارسية.

 وهكذا منعت القوى الفارسية تنفيذ اي مادة من المواد المعلطة من الدستور الايراني كالمواد 15 و19 و48.

ولم يعمل الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي لصالح الشعوب غير الفارسية شيء يذكر، وكشفت حينها القوى الوطنية الاحوازية وثيقة تغيير التركيبة السكانية في الاحواز لصالح المستوطنين والوافدين، مما ادى باندلاع انتفاضة نيسان 2005 المجيدة ضد الاحتلال الفارسي وأزلامه من محبي المناصب والرومانسيين.

وفشلت بعد ذلك عملية الاصلاح لأسباب عدة منها بنوية ومنها موضوعية، ولكن ظل محبي المناصب المنتمين لمشروع عرب ايران، يتأرجحون بين المحافظين والاصلاحين، وجميعهم يتسابقون على كيفية قمع الحراك العربي الأحوازي، ويتلذذ كل من هؤلاء بالخيانة بحق الشعب مقابل الحصول على منصب حكومي، لا أكثر.

 

 

المناصب.. “عرب ايران” والرئيس (المعتدل)

 

وفي عهد الرئيس الايراني (المعتدل) حسن روحاني، كما سبق تم تجميع شلة من دعاة حلحلة مشاكل الشعب العربي الاحوازي عبر الحصول على المناصب، وكان ذلك بدعم مباشرة من قبل علي شمخاني سكرتير الأمن القومي الإيراني، وبموازات تأسيس مكتب استشاري في القصر الرئاسي الايراني، يعمل المكتب فيما يتعلق بشؤون الشعوب غير الفارسية، والاديان والمذاهب، وذلك برئاسة وزير الاستخبارات السابق علي يونسي.

 وبكل هذا لم يحصل أحدا من اصحاب عقيدة “عرب ايران” على مبتغاه، باستثناء العدد القليل جدا. وكذلك كشفت لعبة مكتب شؤون الشعوب غير الفارسية والاديان والمذاهب حيث نرى اليوم يساهم هذا المكتب في كيفية تسريع اندماج وانصهار كافة الشعوب غير الفارسية في البوتقة الفارسية ودمج الاديان والمذاهب الاخرى في المذهب الرسمي للبلاد وتلميع صورة التوسع الايراني في البلدان المحيطة.

 ودون النظر للتاريخ الفاشل لأصحاب هذه الرؤية البائسة أي رؤية “عرب ايران والوئام والعيش المشترك والمناصب”، كذلك ذهب هذا العدد القليل على خطى أسلافه من عشاق المناصب، ولعبوا بدورهم في تحقيق طموح الاحتلال اكثر من اي عنصر فارسي. كما لم تفلح جهود علي شمخاني سكرتير الامن القومي الايراني لفتح باب المناصب لعددا أكبر من اعضاء هذه الشلة.

الى ذلك قفز عبدالحسن مقتدايي محافظ الاقليم على جميع هؤلاء دون ان يعتني بحديث سكرتير الأمن القومي الايراني، حول توظيف العرب في رأس بعض المناصب الحكومية، حيث يعمل محافظ الاقليم حسب السياسات المدونة والاستراتيجيات التي تم توكيله بتنفيذهم بأمر من قبل الدولة الفارسية، الأمر الذي يؤمن له حصانة تامة أمام الجميع في ايران. لذلك يعمل مقتدايي في اطار ستراتيجيات قلب التركيبة السكانية، والعمل على انعدام الإحساس الوطني الأحوازي، وقتل الشعور القومي لدى المواطن الأحوازي، واقتلاع المواطن الاحوازي من الأرض عبر  سلب الأراضي وتنفيذ سياسة التجويع والتهميش وصولا الى الانصهار بحق شعب الأحواز.

ونرى من بين اعضاء هذه الشلة، اي شلة محبي المناصب وعرب ايران، ان هناك من إتًقن أسلوب الخيانة ويتجاهر بها ليل نهار، فنرى على سبيل المثال المدعو “سيد كريم حسيني” مساعد حاكم الاقليم، قبيل الانتخابات البرلمانية خلال الايام الماضية وفي مقابلة خاصة نشرت له في مجلة (راهنما) الفارسية التابعة للدوائر الأمنية، يقول: ان هناك قلقاً كبيراً على الأمن القومي الايراني حيث نرى ان الشباب العربي الأحوازي أصبح واعياً ومتعلماً…. وكذلك لدى العرب اصرار كبير على استعادة هويتهم عبر تسمية ابنائهم باسماء عربية…. وأن الشعر العربي الأحوازي احد مقومات الهوية العربية ويجب مكافحته….

فمن يقرأ تلك المقابلة يرى في هذا الشخص انه عنصر غير عربي، وإنما يرى أن جذور هذا الكائن وأصوله، لغته وهويته ، دينه وديدنه و… “المنصب” لا أكثر.

 وهناك الكثير من هكذا تفاهات وخيانات يرتكبها العديد من دعاة المناصب واصحاب أطروحة الحصول على المناصب كحل لقضية الشعب العربي الأحوازي في إطار مفهوم “عرب ايران”.

وبلغة العصر نرى ان دعاة المناصب ماهم إلا شلة * فرانكوفيلية قد نستطيع تتبع جذورها التاريخية حتى بوابة المدائن في عهد حكم كسرى، كما جاء في أعلى المقال هذا، وكل من هؤلاء هو مثيل لزيد بن عدي وإياس بن قبيصة، وبمفاهيم حديثة يريدون ان يفرضون انفسهم وخطابهم البائس على حساب حق الشعب العربي الأحوازي، وذلك نتيجة تغييب دور القوى الوطنية ومساعي الاحتلال لإضعاف هذه القوى من جهة، وعدم اصطفاف كوادر القوى الوطنية جنبا الى جنب وعوامل اخرى من جهة اخرى.

وأخيراً أرى في أطروحة “المناصب الحكومية في حكومة الاحتلال” وأي اطروحة أخرى يروج لها دعاة الوئام والعيش المشترك وعرب ايران وغيرها من تفاهات، لا تتناسب مع واقع ممارسات الاحتلال الفارسي على الارض الاحواز، ناهيك عن طموح الشعب العربي الاحوازي للخلاص النهائي من الاحتلال.

 وتدعم رأيي هذا، تجارب شعبنا في المحطات التاريخية التي ذكرتها اعلى. ومن جهة أخرى نرى ان من ضرب بعرض الحائط جميع المفاهيم الإنسانية كـ الوئام والعيش المشترك اللتان كانتا في زمنا ما ربما ان تأتيا بحلول أقل تكلفة مما نحن فيه، أو حلول عملية وأقل تكلفة مما نحن مقبلين عليها من مأساة وكوارث، من ضرب  عرض الحائط بجميع المفاهيم الانسانية هو الاحتلال الفارسي بنفسه، وذلك عبر سياساته الرامية لطمس وجود العرب في الأحواز.

ولهذا نرى اليوم الشعب العربي الاحوازي يجابه وبصدور عارية خطط الدولة الفارسية الفتاكة، ويرى في معركته مع الدولة الفارسية “معركة وجود” لا غيرها. الى ذلك نرى، ان الفشل والاحباط يضرب جذور أفكار اصحاب مفاهيم العيش المشترك والوئام ويجتث هذه المفاهيم اجتثاث تام ويعري الفكر النازي الإيراني بنفس الوقت.

 

 

كتب: نـوري حمـزة

 

 

 

*الفرانكوفيلية ؛ مصطلح فرنسي عربي استخدمته قوى تحرير الجزائر. كان يطلق المصطلح حينها على الجزائريين الذين كانوا يعارضون الثورة ويطعنون بالمفاهيم الوطنية الثورية، حيث كان يعتقد هؤلاء بتفوق العنصر الفرنسي على العنصر العربي، وتفوق اللغة والثقافة وكل ما في الهوية الفرنسية،على حساب الهوية الجزائرية.

وأستعرت هنا نفس المصطلح دون التغيير به، حيث هنا وفي قرن الواحد والعشرين وفي الأحواز نرى ان هذه العناصر تحمل في افكارها المتخلفة ترجمة فارسية لذلك المفهوم الفرنسي في تطبيقها للسياسة وفي خطابها، وتتواجد حيث يبرز الخطاب الوطني وتحاول هذه القوى وهي مدعومة من قبل الاحتلال، وبنفس الوقت مدعومة من قبل المعارضة الايرانية، تحاول كي تحد من الصدمة التي تتعرض لها دولة الاحتلال الفارسي، مستخدمة ادوات قذرة، وكذلك اليوم نرى أن هذه الشلة البائسة مدعومة من قبل بعض الليبراليين العرب، مع فائق الأسف.

 

 

 

 

 

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى