انت هنا : الرئيسية » حقوق الانسان » شاهد على مجزرة المحمرة (2)

شاهد على مجزرة المحمرة (2)

موقع بادماز: روى السيد طاهر حلمى زاده احد مؤسسي المركز الثقافي العربي في المحمرة عام 1979، تفاصيل احداث المحمرة في نهاية مايو 1979. اليكم اليكم الجزء الثاني والاخير

اجرى الحوار: مهدي الهاشمي

المقنعيينالقوميين الفرس و انصار الخميني يدا بيد ارتكبوا مجزرة بحق عرب المحمرة

سؤال: ما هي خلافات المركزالعسكري الثقافي الفارسي مع الحراك العربي؟ كيف تمكن هؤلاء المتشددين الفرس من تأزيم الظروف في المحمرة؟ كيف كانت ردة فعل العرب مقابل الحراك الفارسي العسكري والتحريضي في المحمرة؟ وماذا كانت النتيجة؟

هؤلاء الفرس تفاجئوا بالحركة السياسية والثقافية العربية الحديثة التي تتطلع لتحقيق حق الشعب العربي حيث هذا النشاط العربي كان يحدث لأول مرة في تاريخنا المعاصر وقد فاجئ العرب أنفسهم ناهيك عن الفرس، على هذا الأساس المتشددين في المركز العسكري الفارسي لم يحتملوا هذا النشاط العربي وطلبوا من الشيخ إغلاق هذه المراكز لكن الشيخ ساند الحراك العربي ورفض طلب الفرس. كما تم طرح الحقوق الثقافية والسياسية للشعب العربي والتأكيد على الهوية العربية من قبل النشطاء العرب مما واجه مواجهة شديدة من المركز العسكري بقيادة جهان آرا.

العرب لم يبدؤوا بالعداء الی الفرس بالمركز الثقافي العسكري، بل الفرس هم من كانوا واجهوا الحراك العربي وأقدم على تأجج الوضع عبرتصرفات تحريضية، على سبيل المثال هؤلاء قاموا باعتقال العديد من المواطنين في المحمرة بتهمة بانهم من السافاك وزجوا بهم في السجون، دون علم الشيخ الخاقاني. كما من اجل ان يظهروا سطوتهم وسيطرتهم على المدينة قاموا بالانتشار العسكري الواسع ووضع السيطرات على مفترقات الطرق والشوارع الرئيسية وراحوا يتحرشون بالعرب، كما اقدموا على تفتيش العرب في الشوارع مما تسبب في اثارة الشعب، ايضا اقدم عناصر هذا المركز الثقافي العسكري الفارسي على نزع سلاح عناصر المنظمة السياسية للشعب العربي مما أثارت هذه العناصر وتسببت في مواجهات بين اعضاء المنظمة السياسية و المركز العسكري الفارسي وفي الواقع وقع عناصر المنظمة السياسية في الفخ الذي وضعه لهم المركز الثقافي العسكري الفارسي.

بعد مقتل احد حراس الميناء على يد عناصر المنظمة السياسية للشعب العربي، خرج الفرس مسيرة منظمة ومخطط لها من قبل، وكان شعارهم “مي كشم  مي كشم هركه برادرم كشت”(سوف اقتل كل من قتل اخي).

عناصر المنظمة السياسية كانوا هم المسئولين عن الاحداث التي اججت الوضع في المحمرة. احداث مثل قتل حارص الميناء، الهجوم على المركز الثقافي العسكري الفارسي والهجوم على مقر لجنة الثورة الاسلامية (كميته انقلاب اسلامي) كلها أدت الى تأزيم الوضع في المحمرة واعطت القيادة العسكرية في المحافظة الذريعة اللازمة لتسوية الازمة في هذه المدينة عسكريا.

 المركز الثقافي العسكري الفارسي خابر العديد من التقارير الى الخميني وطالقاني وشريعتمداري والى القيادة السياسية مهدي بازركان. احمد مدني الحاكم العسكري في الاقليم كان ينتظر هذه الفرصة لضرب الشعب العربي ليظهر بمظهر الناجي لاقليم الاحواز، ونتيجة لهذا الامر كسب مدني الشرعية في ايران مكنته من خوض الانتخابات الرئاسية بعيد انتصار ثورة 1979 وبقوة.

كما كانت للفرس مصلحة في تأجيج الوضع في المحمرة لضرب الحراك السياسي العربي والقضاء على مشروع المطالبة بحقوق الشعب العربي وكانت للعراق ايضا مصلحة في تأجيج الوضع في المحمرة.

 انتصار ثورة شيعية على الحدود مع العراق في حين يتكون هذا البلد من اغلبية شيعية لديها مشكلات مع السلطة الحاكمة في بغداد كلها اسباب كافية للعراق من اجل تأزيم الوضع في المحمرة، اعضاء الحركة الجماهيرية كانوا على اتصال بالعراق. كما السيد هادي نزاري المسؤول الاول في المنظمة السياسية كانت له اتصالات مع هذه الدولة العربية.

سؤال: بعد ما تأزم الوضع حصلت مفاوضات بين السلطة والمنظمة السياسية للشعب العربي، ماذا كانت مطالب السلطة؟ ماذا كان الرد؟

بعد المواجهات التي حصلت بين المنظمة السياسية والقوى العسكرية الفارسية وتأزم الوضع في المحمرة، جرت مفاوضات بين قائم مقامية المحمرة والمنظمة السياسية خلال مرتين من الاجتماعات، وفي البداية قد طلب من العرب ان يخلوا مباني مركز المنظمة السياسية والمركز الثقافي في منطقة كوت الشيخ وان ينتقلوا الى منطقة اخرى ولكن الرد جاء موحدا من المنظمة السياسية والمركز الثقافي العربي وهوكان رفضا باتا. وسيد هادي النزاري هو المسؤول الاول في المنظمة السياسية قال لهم ان هذا المكان هو ملك لاجدادنا وهو مقر للشيخ خزعل ولايمكن لاحد ان يطلب منا إخلاءه.

عشرة ايام قبل الهجوم اعلن المركز اعتصام شعبي، فكانت الناس معتصمة في المركز ليل ونهار وفي المقابل المنظمة السياسية لم تفعل اي شي ولم تتخذ أي اقدام احترازي.

العراق كان على معرفة بالوضع الجاري وكان يعرف تأزم الوضع وكما مدني والمنظمة الثقافية العسكرية الفارسية كان لهم مشروع لضرب الحراك العربي في المحمرة.

بعد الرد الرفض وتأجيج الوضع اثر اصطدام عناصر المنظمة السياسية مع الفرس في المركز الثقافي العسكري ولجان الثورة وحادث قتل حارس الميناء، جاء مدني الى المحمرة في اليلة الاخيرة قبل الهجوم. اجتمع مدني في بيت شيخ المطور في الساعات الاولى من يوم الاربعاء 30 مايو 1979.

وفي هذا الاجتماع هدد مدني النشطاء العرب وقال لهم في حال عدم اخلاء المباني سوف يتم اخلاءهم بالقوة.

سؤال: بعد ما تهيأت القوات العسكرية الايرانية للهجوم على المركز الثقافي والمنظمة السياسية وتهديد مدني بالهجوم العسكري، كيف تم الهجوم؟ اروي لنا التفاصيل.

في تلك اليالي كانت الناس مجتمعة في بيت الشيخ الخاقاني وكانت الاخبار تصل الى بيت الشيخ. الناس كانت تنتظر الهجوم. في ليلة الهجوم، الساعة اربعة صباحا سمعت الناس اطلاق نار. في البداية انتشرت الشائعة بان العرب هاجموا مسجد جامع التابع للفرس.

 قد تم اطلاق النار من سيارة بيكان نحو الجامع والجميع يعتقد ان الحادث كان مدبرا من قبل الفرس لانهم كانوا يسطرون بالكامل علي المدينة ولايمكن لمطلقي النار ان يهربوا من قبضتهم. في تلك اليلة القوات التي وصلت من خرم أباد ودزفول وطهران كانوا اتخذوا مواقع هامة في المدينة وطبقوا سيطرتهم التامة على المدينة.

بعد حادث اطلاق النار المدبر على مسجد جامع، بدء هجوم القوات الفارسية على المركز الثقافي للشعب العربي. كان في المركز حوالي مئة شخص ممن كانوا معتصمين، منهم بعض الشيوعيين الايرايين وفدائيي الشعب وطريق العامل.

 الهجوم على المركز الثقافي بداء الساعة اربعة وعشرة دقايق صباحا، لم تحدث اي مواجهة عسكرية في هذا المركز لسبب ان المعتصمين في المركز لم يملكوا السلاح.

 فقد تم اعتقال جل المعتصمين في المركز الثقافي للشعب العربي. المعتقلين تم نقلهم الى معسكر 92 ومن هناك نقلوا عبر المروحيات الى دزفول. من ضمن المعتقلين كانزا الاخوة ناصر كنعاني ابوالفوز وعبدالوهاب الخانجي. نحن تمكنا من الهروب وفي حين ذلك شاهدنا بنفسنا عملية اقتحام المنظمة السياسية للشعب العربي من قبل القوات العسكرية الايرانية وشباب المنظمة السياسية بدوا بالدفاع عن المبني راحوا يردون على رصاص الفرس من سطح مبنى المنظمة السياسية.

عامة الناس هرعوا بايدي فاضية من اجل الدفاع عن المنظمة السياسية وكان الناس يستخدمون الزوارق من اجل الوصول من كوت الشيخ الى المحمرة للدفاع عن منظمتهم. في احسن الاحوال بعض العرب كان لديهم بنادق صيد (شوزني). في المقابل القوات الفارسية كانت مسيطرة على مباني عالية وراحوا يرمون الناس الذين يحاولون الوصول للمنظمة وتم قتل العديد من العرب العزل.

فقد تم الهجوم على المنظمة من قبل المباني العالية المشرفة عليها مثل مبنى الشهرباني (مركز الامن الداخلي) و من ناحية نهر كارون كانت الزوارق البحرية الايرانية برشاشاتها الثقيلة ترمي بشدة نحو مبنى المنظمة السياسية، وبعد اقتحام المركز الثقافي، تم استخدام مبنى المركز الثقافي من اجل اطلاق النار نحو المنظمة السياسية ايضا واستمر القتال حتى الساعة السادسة صباحا.

هنا بعض الشخصيات مثل فواد فيصلي، حاجب وراضي فيصلي قد وصلوا الى المنظمة السياسية وراحوا يدافعوان عنها. كان فواد فيصلي ينادي العرب عبر مكبرات الصوت للدفاع عن المنظمة السياسية، لكن المنظمة السياسية تحاصرت بالكامل ونحن اضطررنا الى ترك المبنى وهكذا سقط مبنى المنظمة السياسية بعد الساعة السادسة صباحا وبعد ما استشهد ثلاثة من عناصرها ونفذت ذخيرة المدافعين عنها.

 الشهداء في هذه العملية كانوا علي جابر مطوري(ابن خال الشهيد محمد العبودي) وشاب كوردي عراقي وشاب اخر عربي احوازي. استشهد عددا كبير من العرب في كوت الشيخ و في طرفين نهر كارون على يد القوات الفارسية التي كانت تطلق الرصاص ضد المواطنين العرب العزل.

استمرت مواجهات عامة الناس مع القوات الايرانية وراح ضحيتها العديد من القتلى وفي هذه المواجهات العرب كانوا يواجهون النظام بأيادى خالية والبعض القليل كان لديه سلاح صيد.

كما تم مهاجمة المركز الثقافي في عبادان في نفس يوم الاربعاء السوداء من قبل العسكريين الفرس وقتل احد حراس المركز اسمه فيصل الباوي وفي نفس اليوم تمت مهاجمة المراكز الثقافية في الفلاحية والاحواز وتم اغلاق تلك الفروع من المركز الثقافي.

هاجم المواطنين العرب الغاضبين في المحمرة، بواخر بعض تجار الفرس واحرقوهن واغرقوهن. كما هاجم المواطنين العرب المقنعين الفرس الذين عرفوا انذاك ب”الفلانجية” وحدثت مواجهة بحجارة والعصي معهم.

بعد اليوم الثالث من المواجهات اتت مسيرات شعبية من كافة انحاء المحمرة واتجهت نحو بيت الشيخ الخاقاني من اجل الدفاع عن قيادتهم السياسية.

حشود الناس اجبرت القوات العسكرية الفارسية الى اعطاءهم الاذن للتوجه نحو بيت الشيخ الخاقاني والحضور الكثيف للعسكر في المركز الثقافي والمنظمة السياسية حال دون تمكن المسيرات الشعبية من اقتحام هذين المبنيين واستعادتهما من الفرس.

في اليوم الخامس من الهجوم بدؤا العرب باعتصام في جامع امام الصادق احتجاجا على الهجوم العسكري للفرس ضد المراكز العربية. واستمر الاعتصام حوالي 12 يوم.

 في هذه الفترة وبسبب انحلال المنظمة السياسية، تولى عناصر المركز الثقافي قيادة الحركة الشعبية وقد ترك اعضاء المنظمة السياسية المحمرة وتوجهوا الى العراق.

 وفي هذه الايام بدء السلاح يدخل بكثافة من العراق الى المحمرة حيث دخل سلاح كثير الى المنطقة ونحن كنا متخوفين من هذا الامر.

بعد انتهاء هذا الاعتصام قررنا بالخروج بالمظاهرات، فسارت مظاهرات شعبية من احياء عدة بالمحمرة الى بيت الشيخ الخاقاني. كما جاءت مسيرة شعبية من قبل المواطنين العرب الغاضبين في حي سيد عباس، بحيث جاوؤا عراة وقد نزعوا قمصانهم تحديا للقوات العسكرية الفارسية.

كما جاءت مسيرة من جزيرة صلبوخ الى بيت الشيخ الخاقاني، فتبلور العمل السياسي بشكل مسيرات شعبية، واستمرت المظاهرات في عبادان والاحواز. في هذه الايام وصف التلفزيون والاذاعة الايرانيتين المتظاهرين العرب بالسافاك والانفصاليين والخونة.

في هذه الايام روج النظام الحاكم للشائعة بأن سنة الاكراد في كوردستان ينوون الهجوم ضد الشيعة، نحن كنا نجتمع في بيت الشيخ الخاقاني وحين سمعنا بان الشيخ يريد ان يتهيأ لخطبة. فالتقينا بسماحة الشيخ وشرحنا له خطة النظام لوضع العرب مقابل الاكراد.

 شرحنا له بان الاكراد لديهم مطالب لصالح شعبهم وهم ايضا مسلمين، بعد ذلك خطب الشيخ وتحدث عن تأييد مطالبات الشعب الكوردي وقائده عزالدين الحسيني، من هنا انطلق الجمهور العربي و ردد الشعار التالي:

“خاقاني وعزالدين كل احنا فدائين”

“لادباباتك و لاطياراتك (مدني)”

“نثور انثور واحنا العرب كلنا فدائين”

 استمرت هذه المظاهرات الى اربعين يوما، وخرجنا بمظاهرة عارمة في اربعين شهداء الاربعاء السوداء.

مظاهرات

سؤال: يمكن ان تشرح لنا المرحلة الاخيرة من تطور الاحداث في المحمرة عام 1979، كيف تطور الوضع ووصل الى تفجيرات ومواجهات مسلحة؟ ما هي النتايج هذه التطورات؟

بعد يومين من اربعين شهداء الاربعاء السوداء تم هجوم على اجتماع الفرس في مسجد جامع وفي هذا اليوم قد جاء الفرس بالسيد شبر العدناني ليخطب ضد الحراك العربي ويقال ان شخص يعرف ب “ناصر جوجه” قذف قنبلة يدوية على المجتمعين في مسجد الجامع.

 على اثر هذا الهجوم، استغل الفرس الفرصة وهاجموا بيت الشيخ الخاقاني بحيث قتل احد حراسه بإسم عباس وجرح العديد وتم اعتقال الشيخ الخاقاني واسرته وتم نقلهم الى قم.

 بهذا تم القضاء على القيادة السياسية للحراك السياسي العربي، هذا الحدث كان ايجابيا للفرس ومدمرا للحراك السياسي العربي حيث يعتبر إبادة سياسية لنا، جاؤوا بعد ذلك بناصر جوجه على التلفاز وبثوا اعترافاته وتم اعدام الذين اعترف ضدهم.

بعد هذا الحدث اصبحت مواجهة القوات الايرانية مع المتظاهرين العرب، اكثر عنفا. تم استخدام الغاز المسيل للدموع واطلاق النار الكثيف واعتقالات كثيرة.

بعد اعتقال الشيخ بدأت الاعدامات تتزايد. ففي اليوم الاول تم اعدام خمسة اشخاص في اول دفعة حيث تم اعدام عبدالرضا حاوي ومجموعة معه بتهمة تهريب السلاح وتفجير جسر وانابيت البترول في مدخل مدينة رأس الميناء.

 استمرت الاعدامات بكثافة حيث اذا تمت مقارنة الاعدامات التي حدثت بعد انتفاضة نيسان 2005 فيمكن ان نقول بانها عشرة بالمئة من اعدامات المحمرة في 1979.

حينها بدأت التفجيرات في اماكن عدة، على سبيل المثال تفجيرات بشوارع المحمرة، سوق السيف بالمحمرة وانفجارات في عبادان وانفجارات في ابار وانابيب البترول وتفجير عمود البث التلفزيوني وتبنت كل من المنظمة السياسية والحركة الجماهيرية هذه العمليات. في انفجار سوق السيف تم وضع القنبلة في عبوة رمي القمامة مما قتل فيها احد الشباب القوميين بإسم عبدالامير مجدم.

اثر التفجيرات العديدة في ابار البترول والانابيب، خصص النظام قوات خاصة للدفاع عن المنشأت النفطية.

استمرت العمليات والاعدامات حتى بدأت الحرب الايرانية العراقية وكما تم اعدام بعض معتقلي المحمرة في مدينة الاحواز في ايام الحرب.

بدء الحرب وأنهى كل شي. نحن حتى لم نتمكن من اخذ الارشيف معنا بحيث تدمر ارشيف هذه الحقبة الهامة من تاريخ شعبنا السياسي تحت اقدام الجنود الايرانين والعراقيين في حربهم للاستيلاء على وطننا وثراوته.

النهاية

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى