انت هنا : الرئيسية » ثقافة ومجتمع » صورة الرجل في نصوص “احلام مستغانمی”

صورة الرجل في نصوص “احلام مستغانمی”

احلام مستغانمی، كاتبة جزائرية

احلام مستغانمی، كاتبة جزائرية

 الملخص: لقد تمکنت المرأة العربیة من الدخول الی ساحة الأدب بثقة کبیرة رغم المعوقات والحواجز التي کانت تحاول صدها ومنعها. واستطاعت بالإضافة إلی ذلک الخروج من سیطرة الرجل (وصایة الرجل)وخلق هویة خاصة بها والوعي بذاتها وبالأخر والوصول الی ثمة موقف واضح من الرجل والرجوله والحصول علی تعریف خاص للرجولة ،بعید کل البعد عن تعریفه في العلم العربي ،والذي تختلط فیه الرجولة بالقدرة الجنسیة والمال الطائل .وخیر شاهد علی وجود هکذا نساء في العلم العربي ،کاتبات ومبدعات،کالکاتبة نوال السعداوی من مصر ورحاب الهندي من العراق والروائیة الجزائریة المبدعة احلام مستغانمي.

ومن هذا المنطلق یقوم المقال التالي بمحاولة لرصد صورة الرجل في نصوص أحلام مستغانمي علی ضوء المنهج الوصفي-التحلیلي.

وعلی ضوء ماتمت مناقشته، یمکن القول بأن هناک صورة ضبابیة وقاتمة للرجل والرجوله تسیطر علی الجو العام للجزء الأکبرمن کتابات وروایات احلام مستغانمي کأمثال نسیانکم ،فوضی الحواس،الاسود یلیق بک و…وهی صورة متأثرة بنظرتها التشائمیة للمجتمع العربي القمعي والذکوري ،ذات التقالید والأعراف القمعیة التي طمست ولاتزال تطمس حریة المرأة وحقها في الحیاة الکریمة.

الکلمات الدلیلیة:صورة الرجل ،احلام مستغانمي،فوضی الحواس،الاسود یلیق بک،نسیانکم،ذاکرة الجسد.

 

المقدمة:  إنَّ القمع الطویل الأمد الذي تعرضت له المرأة العربیة عبر تاریخها المضني مع الرجل ومحاولة إقصائها وتهمیشها بشتی الطرق وعلی جمیع الأصعدة، جعلها تثور علی ذلک الوضع مستعینةً بالأدب،لأن الأدب یصدر عادة عن ذات لها رؤیة وموقف من الحیاة ولها تجربة وأهداف.وهذه الذات تؤثر في الکتابة الأدبیة وبالتالي نری ماجری في الماضي وفي الحاضر من قبل الرجل، حاضرا ومنعکسا في ابداع المرأة الأدبي.

اننا حین نقرأ عملا أدبیا غالبا نسأل عن صاحب هذا العمل وعما ادی الیه؟لکننا قد ننسی أن نسأل أو لربما لا نسأل عن الدوافع الأساسیة التي أدت إلی هذا العمل أو عن الأسباب التي جعلت شخصا کاتبا أو شاعرا أو ادیبا،أو عن أسباب تناول ذلک الکاتب أو الأدیب لموضوع ما وتأکیده علیه.

لیس هناک ادنی شک من أن الأمور النفسیة للکاتب أو نشأته وطریقة حیاته لها الأثر الکبیر علی ابداعه وعلی عمله الأدبي.وتصبح  بعد ذلک الطریقه التي نشأ بها الکاتب او الأدیب هی التي تشکل عمله الأدبي.وبحکم النشأة التي نشأت علیها المرأة العربیة في مجتمعاتنا الذکوریة القمعیة ،نجد أعمالها الأدبیة غالبا ما ترکز علی موضوع الرجل وهیمنته وسطوته ومحاولة الخروج من هذه السطوة والهیمنة.

 نعم،لقد تجاوزت المرأة العربیة عصورها المظلمة وأصبحت أکثر جرأة وأکثر وضوحا وتواصلا مع نفسها ومع الاخر.واستطاعت التخلص من صورها الأسطوریة الضعیفة.ولکن هناک ثمة اسئلة تطرح نفسها بالحاح شدید هنا وهی:هل انمحت هذه الصورة الاسطوریة الضعیفة للمرأة من وعی ولا وعي الرجل الشرقي ام لاتزال باقیة علی حالها؟هل اصبح ینظر الیها علی أنها کائن حي لا ضعیف واسطوري؟هذه الاسئلة وأسئلة أخری سنحاول التوصل الی اجوبة شافیة وکافیة لها من خلال ماتم اختیاره من نصوص من روایات الکاتبه الممیزة أحلام مستغانمي.

لقد وجدت روایات هذه الکاتبة صدی واسعا في العالم العربي،لأنها اول کاتبة جزائریة تکتب باللغة العربیة مباشرة. حیث کان الکتاب الجزائریون یقومون بالکتابة باللغة الفرنسیة ومن ثم یعیدون ترجمتها بالعربیة.

اعجب الکثیر من الکتاب والأدباء بروایاتها؛ذاکرة الجسد وفوضی الحواس.حتی قال نزار قباني عن روایة ذاکرة الجسد وعن الکاتبة أحلام <<روایتها دوختني.وأنا نادرا ما ادوخ أمام روایة من الروایات وسبب الدوخة،أن النص الذي قرأته یشبهني إلی درجة التطابق.فهو مجنون،ومتوتر واقتحامي ومتوحش،وانساني،وشهواني…..وخارج علی القانون مثلي.ولو أحدا طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الروایة الإستثنائیة المغتسلة بأمطار الشعر…لما ترددت لحظة واحدة.ویتابع نزار قائلا:هل کانت أحلام مستغانمي في روایتها تکتبني دون أن تدري…لقدکانت مثلي متهجمة علی الورقة البیضاء بجمالیة لا حدلها…وشراسة لاحدلها…وجنون لاحدله>>1(مستغانمي :ذاکرةالجسد،1993م)

اما عن احلام ف <<هی کاتبة وروائیة جزائریة،کان والدها محمد الشریف مشارکا في الثورة الجزائریة.عملت هذه الکاتبة لسنوات عدة في الإذاعة الوطنیة،مما خلق لها شهرة واسعة کشاعرة واعلامیة.انتقلت الی فرانسه في مابعد وتزوجت من صحفي لبناني،وفي الثمانینات من القرن الماضي نالت شهادة الدکتوراه من جامعة السوربون.وفي عام 1998م حصلت علی جائزة نجیب محفوة للأدب،عن روایتها ذاکرة الجسد.لها مؤلفات عدة منها:ذاکرة الجسد1993م،فوضی الحواس1997م،عابرسریر2003م،نسیانکم2009 .>>2(احلام مستغانمي.ویکیپیدیا،الموسوعة الحرة)

 

اسئلة البحث:

یسعی هذا البحث للإجابة عن السؤالین التالیین:

1-ماهی ملامح صورة الرجل في نصوص احلام مستغانمي؟

2-الی أی مدی ساهمت هذه الکاتبة والروائیة في کشف وتعریة هذه الصورة؟

 

خلفیة البحث:

إن الکتب والبحوث التي تناولت صورة الرجل في أدب المرأة بالبحث والدراسة،تعتبر قلیلة ونادرة جدا کالبحث الذي قام باعداده الکاتب ثائر العذاري وهو بعنوان صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي سنة 2007م. لذلک یعتبر هذا الموضوع ،موضوعا جدیدا علی ساحة الأدب.ولکن لطالما وجدت هناک بحوث تحدثت عن صورة الرجل بصورة غیر مباشرة ،منها علی سبیل المثال لاالحصرمقال بعنوان أدب نسائي جریئ لکلادیس مطر،الأنوثة المطعونة في قصص زینب أحمد حفني للدکتور عبدالله ابوهیف،المرأة بین الواقع والمرتجي في النظام الأبوي البطریکي لنضام القادري،أدب المرأة بعیدا عن الإحتفالیة لجاکلین سلام،أدب المرأة في العالم العربي لیحیی الصوفي،القراءة النفسیة للنص الأدبي للدکتور محمد عیسی،اقتحام المنطقة الملغومة (نظرة الرجل الشرقي للمرأة بین عظمتها وجسدها لغلبان ،المرأة …مشکلات الحاضر وتحدیات المستقبل لرفیقة سلیم حمود.

 

صورة الرجل في نصوص احلام مستغانمي:

لقد أولت ألکاتبة ألمبدعة احلام مستغانمي قضیة المرأة اهتماما واسعا وحرصت علی معالجة قضایاها(المرأة)بشتی الطرق من خلال تشریح مقطعي دقیق لمجتمعها الجزائري ذات القیم والاعراف القبلیة والتقلیدیة الموروثة ابا عن جد .وفي موازاة هذه القضیة نجد الرجل  ایضا الغائب الحاضر في جمیع کتاباتها .ولکنها  في جمیع کتاباتها تنتقد  مفهوم الرجولة الدارج في مجتمعاتنا العربیة والذي تلتبس فیه الرجولة مع القوة الجسدیة والجنسیة وقدرة الرجل علی تعد الزوجات.إن لدی أحلام موقف ونظرة وصورة عن الرجل شبه ثابته في معظم کتاباتها وروایاتها ،منها :نسیانکم،فوضی الحواس،الأسود یلیق بک و…وهی صورة متأثرة کما اشرنا من قبل بالبیئة والدوافع النفسیة و…

سنحاول ومن خلال قراءتنا لبعض النصوص التي تم اختیارها من روایات احلام التعرف علی صورة الرجل لدیهالان النص یکون جملة من السیاقات التاریخیة والإجتماعیة والنفسیة یستطیع الباحث من خلاله ان یستشف أفکار صاحبه.وإن فهم النص نفسیا وتاریخیا واجتماعیا هو فهم خاص ووهذا الفهم قوامه الغوص في مکنونات النص من قبل الباحث.

 

صورة الرجل في روایة “نسیانکم” :

في کتاب نسیانکم جاء عن الرجل”الرجل کالزواحف یتخلص من جلده وماضیه دون عناء.ووحدهاالمرأة تعیش مزدحمة بکراکیب الذاکرة،تحفظ التواریخ عن ظهر قلب…وتحفظ الرسائل ألهاتفیة في دفاتر خاصة بدقائقها وثوانیها کي تستعید الزمن العشقي وتباهي به أمام نفسها وأمام الحب. وکأنها کانت تدري أنها ذات یوم لن تملک إلاّ ما وثقت من تفاصیل دلیلا علی أنه حقا مرّ بحیاتها.”3(مستغانمي،نسیانکم،2003م،ص37)

تصور الکاتبة فی هذا المقطع من کتاب نسیانکم،علی أنّ الرجل ینسی المرأة ویقتلعها من ذاکرته وینزعها،کما تنزع الزواحف جلدها.أي بکل بساطة وسهولة،ینسی الرجل حبه للمرأة مهما کان عمیقاوکبیرا ویستبدلها بأخری.بینما هی باقیة علی عهدها له وتحفظ رسائله الهاتفیة کسندات ملکیة وتحافظ علیها من أی تلف أو خدش.

وفي مکان آخر من هذا الکتاب وعن ظاهرة اختفائه المفاجئ تقول:”سیختفي،توقعي ذلک منذ اول ظهور له في حیاتک،الرجل نجم مذنّب یختفي من سمائک دون أیّ إنذار من مرصد جویّ.علیک آنذاک أن تتحولي إلی منجمة أو تتعلمي الضرب بالرمل وخلط الحصی.فمهم جدا حال دخولک في علاقة عاطفیة أن تکون لک درایة بالتنجیم .فالتفکیر المنطقي لایساعدک بتاتا علی العثور علی الأجوبة التي ستؤرقک لاحقا.”4(مستغانمي،نسیانکم،2003م،ص100)

تصور أحلام الرجل هنا علی أنه غیر مستقر أو ثابت علی أی مبدأ کان،کما لوکان نجم مذنب.یختفی من حیاةالمرأة دون سابق إنذار.أی أنًّ المرأة دائما یجب أن تکون علی أتم الإستعداد لفقدانه،لأنه لیس هناک مایمنعه أو یصده من الاختفاء من حیاتها أو استبدالها بواحدة أخری.هذا مایراه حق مشروع خوله له المجتمع الذکوري والقیم البالیة.وتری أن العاطفة بل وحتی المنطق لن یستطیع أن یبرر ما یفعل بل التنبؤ فقط قد یوصلها الی الحقائق التي تبحث عنها.

وفي فقرة أخری من هذا الکتاب تشیر:”یحتاج الرجل العربيّ أن یضعک في قفص الاتهام کي یمنّ علیک بالعفو،ویکون حینها،سیدک الرجل،حاکم عربيّ صغیر لم تسمح له الظروف أن یحکم شعبا …لکنًّ وضعک الله في طریقه وأنت شعبه.”5(مستغانمي،نسیانکم،2003م،ص1005)

تصور الکاتبة هنا الرجل العربي علی أنه دائما یبحث عن السلطة والقدرة،فإن لم یستطع الحصول علی سلطة الشعب ،فإنه یحاول ان یمارس هذه السلطة علی زوجته او اخته (المرأة)حتی یتمکن من إرضاء غریزة السلطة لدیه.وکما یقوم صاحب السلطة العربي أو الحاکم بإضطهاد وظلم الشعب،أیضا الرجل یمارس هذا الظلم والاضطهاد علی المرأة التي یعتبرها شعبه ومن حقه أن یمارس علیه أبشع أنواع الظلم والاستبداد.

وتقول احلام ایضاعلی أن الرجل أرنب یفر من کل امرأة :”لاتحزني علی أرنب فرّخارج حیاتک.إن رجلا هرب مرة،سیهرب کل مرة من کل إمرأة !”6(مستغانمي،نسیانکم،2003م،ص197)

نری الکاتبة هنا تنعت الرجل بارنب أی بمعنی انه لیس له ثبات  اورادع یردعه من الهروب ،ویبدو انه دائم التغییر والتبدیل ،ضعیف لایشعر بالمسئولیة.

اما عن اختفاء الرجولة فتقول احلام:”اختفاء الرجولة لم یلحق ضررا بأحلام النساء ومستقبلهنّ فحسب،بل بناموس الکون وبقانون الجاذبیة.ماالإحتباس الحراري ألاّ احتجاج الکرة الأرضیة علی عدم وجود رجال یغارون علی انوثتها.لقد سلموها للعلوج،فعاثوا فینا وفیها خرابا وفسادا.”7(مستغانمي،نسیانکم،2003،ص201)

في هذه الفقرة تربط اختفاء الرجولة والضرر الذي لحق بالنساء واحلامهنًّ ومستقبلهنًّ وضیاعهًّ بالارض وقانون الجاذبة واکوارٍ الطبیعیة وتعتبر هذه الکوارث الطبیعیة ماهی الاًّ ردة فعل علی غیاب الرجولة.

 

صورة الرجل في روایة “فوضی الحواس” :

أما في روایة فوضی الحواس نری الکاتبه تشیر الی”إنًّ کل قصة مع رجل ترسو بک علی شاطئ المفاجأة.أما إذا کان هذا الرجل زوجا،فستوصلک القصة حتما ألی سلسلة من المفاجآت.في البدء، نحن ندري مع من تزوجنا ،ثم کلما تقدم بنا الزواج،لا نعد ندري مع من نحن نعیش.!”8(مستغانمي،فوضی الحواس،1997م،ص18)

في هذه الفقرة من الروایة تصور لنا الکاتبة علی أنًّ الرجل کتلة من الغموض والمفاجآت ،مهما حرصت المرأة علی فهمه ومعرفته ،ستجهله أکثر، لأنه مع مرور ألأیام سیصبح غامضا أکثر.

 وفي فقرة تالیة من روایتها تلک تذکر”إنه في النهایة ،ینتمي للسلالة ألأسوأ من الرجال، تلک التي تخفي تحت رصانتها ووقارها ،کل عقد العالم وقذارته.کأولئک الذین یجلسون الی جوار زوجاتهم، بهیبة وصمت ، ثم یترکون لأقدامهم حریة مد حدیث بذئ تخت الطاولة!”9(مستغانمي،فوضی الحواس ،1997،ص24)

هنا وفی هذه الفقرة بالذات نری تصویرا اکثر شدة وقوة للرجل وهو علی أن الرجل خائنا مهما کانت هیأته أو شکله.تقول علی انه مهما حاول أن یضفي علی نفسه شیئا من الهیبة والوقار ،سیبقی هوذلک الکائن الضعیف أمام الشهوة والغریزة.

 

صورة الرجل في روایة “الأسود یلیق بک” :

اما في روایة الأسود یلیق بک نری الرجل علی انه”کبیانو أنیق مغلق علی موسیقاه،منغلق هو علی سرّه.لن یعترف حتی لنفسه بأنه خسرها .سیدعي أنها من خسرته ،وأنه من أراد فراقا قاطعا کضربة سیف ،فهو یفضل علی حضورها العابر غیابا طویلا ،وعلی المتع الصغیرةألما کبیرا،وعلی الإنقطاع المتکرر قطیعة حاسمة .لشدة رغبته بها ،قرر قتلها کي یستعید نفسه،وإذا به یموت معها ،فسیف العشق ،کسیف الساموراي ،من قوانینه اقتسام الضربة القاتلة بین السیاف والقتیل.”10(مستغانمي،ألأسود یلیق بک،2009م،ص11)

نلاحظ هنا صورة جدیدة للرجل وهی صورة ألأنانیة والکبریاء الذان یمنعانه حتی من الاعتراف أمام نفسه بانه خسرها .بل یدعي أنها هي من خسرته وهو من اتخذ قرار القطیعة واإلانفصال.في حین انه یجهل بان من خسرلیست المرأة وحدها بل الإثنین لأن الانفصال کسیف الساموراي یقتل الطرفین.

وتشیر في مکان آخر الی أهمیة السر في شخصیة الرجل”أیقظت فیه قسوة لاعهد له بها .لعلها أمراض الرجولة في لحظة ضعف یکشف رجل لإمرأة سرّه ،ثم یشرع لاحقا في تأنیبها لینسیها ماباح به. یتمادی في أذلالها لیشککها في ما سمعته ،في صدها ،في هجرها ،لتبحث عن ألأسباب خارج السبب الحقیقي .لا یغفر الرجل لإمراة رأته في لحظة ضعفه.”11(مستغانمي،ألأسود یلیق بک،2009م،ص313)

هنا نجد ایدیولوجیا الذکورة والنظرة الدونیة للمرأة وعدم تسلیمها سرا تطغی علی النص. لایغفر الرجل للمرأة التي تتمکن من کشف سره ویحاول بعد ذلک القسوة علیها لیمکنها من نسیان ما علمت به  اثناء ضعفه ،مبررا ذلک بحجج عدیدة وواهیة لاتمت بالحقیقة بصلة.

تشبه الکاتبة في مکان آخر من روایة الاسود یلیق بک الرجل بالقطار الذي یدهس أحلام النساء “رجل عبرها کقطار سریع ،دهس أحلامها وواصل طریقه بسرعة الطائرات ،فالوقت هو أغلی ما یملک .لاوقت له لیری ماخلفه مروره العاصف بحیاتها من دمار.أشجار الأحلام المقتلعة،أعمدة الکهرباء التي قطع الإعصار، أنواراأضاءت حیاتها ،سقف قلبها المتطایر ،قرمیده ونومها في عراأ الذکریات.”12(مستغانمي،الأسود یلیق بک،2009م،ص302)

هنا تشبه الکاتبة الرجل ومروره السریع والخاطف من حیاة المرأة بالقطار السریع عندما یدهس ویقتلع کل ما فی طریقه .فهو (الرجل)،یعتبرها محطة مربها لااکثر في حین هی تعتبره کل کیانها وتبقی تحیی علی ذکریاتها معه والدمار الذي لحقه بها.

نعم هذه هی صورة الرجل في روایات أحلام مستغانمي، فهوانسان من السهل علیه أن یغیر جلده، أن یتخلص من ماضیه وکل مایربطه به من مرأة وحب وعشق وحیاة و…من السهل علیه أن یختفي دون سابق إنذار ویعتبره حق من حقوقه الطبیعیة ولیس هناک من یستحق برأیه أن یخبره بإختفائه .یشعر الرجل العربي بأنه حاکم ویجب أن یمارس السلطة سواء علی الشعب اوعلی المرأة فهوفطریا خلق حاکما.هو صاحب المفاجآت وسبب الکوارث الطبیعیة .ویکون الرجل دائما مشروع لخیانة مهما تظاهر بالرزانة والرصانة وهو فی النهایة کالقطار السریع الذي یقتلع کل مایقع في طریقه من نساء ولایلتفت لما یحل بعده من دمارباحلام وآمال تلک النساء.

 

الخاتمة:

شهد النقد الأدبي العربي اهتماما واسعا وملفتا بدراسة النصوص الأدبیة، وقامت الحرکة النقدیة في الآونة الأخیرة بدراسات عدة تعني بدراسة النصوص الأدبیة ومحاولةاستکشاف ماتحمله من دلالات واشارت ادبیة واجتماعیة و…ولا شک في أن النص طاقة غنیة متجددة ویمتللک قدرا کبیرا من الإیحاء لیعطي الباحث فرصة التقصي والمتابعة والتعمق بجد وبصورة متواصلة.

فمن هذا المنطلق وبغرض معرفة صورة الرجل في ادب المرأة وعلی وجه التحدید ،ادب احلام مستغانمي ،إرتأینا بعض النصوص لتکون المادة والخامة الاساسیة لنا في هذا البحث .وإنًّ ماقمنا به من قراءة تحلیلیة لهذه النصوص ماهو الاّ عمل افتراضي تأویلي ،حاولنا فیه معرفة ما تضمره الکاتبه من نظرة وصورة عن الرجل.وبدا لنا ان هذه النصوص تحمل دلالات  قویة عن العلاقات الجدلیة بین الرجل والمراة وهی علاقة نقیضة،کالحاکم والشعب ،الجاني والضحیةو…ومع أننا في مرحلة زمنیة ،اجتماعیة ذات متغیرات وتحولات وخصائص تتطلب إمعان النظر والفکر والأخذ بمبادئ حقوق الإنسان ومنها احترام المرأة التي اقرتها الشریعة الاسلامیة ،ألا أنًّ الافکار والاتجاهات المتطرفة المتزمتة تصر علی شدنا الی الوراء والی الماضي البالي.

 

بقلم: ماجدة النواصري ، نقلا عن: موقع بروال.

 

المصادر والمراجع:

1-مستغانمي أحلام،نسیانکم،مکتبة نبع الوفاء للکتب المجانیة

2-مستغانمي أحلام ،فوضی الحواس،مکتبة نبع الوفی للکتب المجانیة

3-مستغانمي أحلام ،الأسود یلیق بک ،مکتبة نبع الوفی للکتب المج          

4-مستغانمي أحلام ،ذاکرة الجسد ،مکتبة نبع الوفی للکتب المجانیة

 

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى