انت هنا : الرئيسية » اخبار » لزوم المهنية في نشاط منظمات حقوق الإنسان الأحوازية

لزوم المهنية في نشاط منظمات حقوق الإنسان الأحوازية

حقوق الانسان الاحوازي

إذا كانت الإنسانية، والكرامة الإنسانية هما لحقوق الإنسان، فإن الايمان بالمساواة لجميع البشر هو المنطلق لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان. لهذا إنه من الضروري ان نتعامل مع مفهوم حقوق الإنسان تعاملا واعيا ندرك ارتباطه و خصوصياته الثقافية من غير تعامل أو إقصاء عن تطبيقاته الناجحة و دون التمسك الاعتباطي بما لا يسمن و لا يغني من جوع ايضا.

لقد استطاع مفهوم حقوق الإنسان على المستوى التطبيقي ان يحقق إنجازات يمكن ان توصف بأنها عالمية . إن فهم خصائص المجتمع من قبل منظمات حقوق الإنسان هو نقطة الإنطلاق لجعل مبادئ حقوق الإنسان جزءا من ثقافة ذلك المجتمع، ولإحداث تغيير حقيقي أيضا. فاذا ما صارت حقوق الإنسان خاصة بمجموعة عرقية معينة، او صار يُنظر اليها كامتياز خاص بمجموعة دينية معينة، فإن منظمات حقوق الإنسان لن تكون قادرة على الوفاء بمهمتها المناطة بها.

ومن أجل ذلك فإنَّ حقوق الإنسان ومنظماتها المتخصصة تتلخص مهامها في محورين (معرفيين ) هما حقوق الإنسان الفرد وحقوق الإنسان الجماعة , وما يتضمن عن حقوق الإنسان الفرد، يوجد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتتحدث عنه جميع المنظمات المختصة من منظمات العفو الدولية واللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومثلها جميع المنظمات الحقوقية كمنظمات حقوق الإنسان دوليا أو إقليميا أو في دولة أو مجموعة إنسانية بعينها.. وتوجد حقوق الإنسان الجماعة ايضا في العديد من المواثيق والإتفاقات الدولية والإقليمية وهي تعالج أمور حقوق تقرير المصير للقوميات والجماعات الدينية، التي تطالب بتحقيقها تلك الجماعات وأبرز تلك القوميات التي اخذت تنشط بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، هم الشعب العربي في الأحواز والكورد و الأذريين والبلوش والتركمان وغيرهم من الجماعات الدينية، والفئات الإجتماعية ومكونات المجتمع الإنساني في جغرافية ايران السياسية.

وعلى هذا الأساس كان لمؤسسات حقوق الانسان الأحوازية دور فاعل في توثيق و تصديق الانتهاكات التي ترتكب بحق المواطن الاحوازي، وايضا الضغط على النظام الإيراني من خلال التوجه إلى المنظمات الدولية وايصال معاناة الشعب العربي في الاحواز الى تلك المنظمات والمؤسسات الحقوقية.

لكن منذ نشاءتها واجهت جماعات حقوق الانسان الاحوازية أزمة أو تحدي واضح وهو إنبثاق أو تاثر حركة حقوق الانسان الأحوازية بالحراك السياسي، مما يعني ان خطاب حقوق الانسان سيطر عليه الخطاب السياسي بشكل واضح. ولهذا قد يُساء فهم هذا الأمر لدى العديد من المتابعين للشأن الأحوازي بأن هذا الموضوع ، قد لا يساعد في نقل صورة المعاناة كما ينبغي ويخدش دور تلك المنظمات في المجاميع الدولية .

ان عمل ناشطي حقوق الانسان يمس كافة جوانب الحياة بما فيها السياسية طبعا، وهنا يتطلب عملهم المهنية العالية كي يبتعد الناشط من المواقف السياسية البحتة والمؤدلجة، بل عليه ان يكون منحازا إلى حقوق الانسان ويتعاطى مع كل الاطراف بموضوعية ويراعي الدقة والمهنية.

ان الفصل بين حقوق الإنسان الفرد، والإنسان الجماعة أمر يستلزم وقفة لما يجرّه من إشكالات ليس في فهم جوهر حقوق الإنسان بل لمخاطر تمرير جرائم بحق الإنسان بحجة أن حقوق الإنسان الفرد ليست من مهام منظمة حقوق الإنسان؟! وأن القضايا الفردية هي قضايا شخصية خارجة أو بعيدة عن ضرورة التدخل المباشر من منظمة حقوق الإنسان!؟ لذلك كانت الخلفيات السياسية لبعض من نشطاء حقوق الإنسان دور في نشوء هكذا تصرفات، حيث كان الاهتمام بالفرد المنتمي ألى الجماعة ( الحزب، الحركة او التنظيم السياسي) أكثر من الفرد الذي يعاني نفس المعانات، لكن لا تربطه صلات مع هذه الحركات السياسية.

فإننا هنا بحاجة لتوطيد الثقة بين الأحوازيين أفرادا وجماعات بمنظمات حقوق الانسان وبلوائحها التي تلتزم بالقوانين الدولية ومنها الخاصة بكفالة دفاع المنظمات عن حقوق الأفراد والجماعات بالروح ذاته وبالآليات الصحيحة التي تكفلها الشرائع والقوانين الدولية. وإلا فإن من حق أبناء الجاليات الأحوازية أن ينفضوا من حول منظمة مسجلة ( طابو) باسم فرد أو أفراد وتخضع لتفسيراتهم وممارساتهم الخاصة بشأن حقوق الإنسان .

إنَّ الصحيح في مهام منظمة حقوق الإنسان يكمن في التحام مباشر مع الجمهور ومع الناس والتعرف إلى قضاياهم الفردية والجمعية وتعريف الناس بحقوقهم التي تكفلها القوانين سواء باللقاءات المباشرة أم بعقد الندوات وتوجيه الرسائل والبيانات التي تلفت النظر إلى تلك الحقوق.

ومن المفيد هنا أن يرتقي المعنيون بالشأن الحقوقي لمستوى معرفي مناسب وأن يكونوا على مستوى ثقافي ملائم للتصدي للمهام التي يتحملونها. إذ يلزم أن يعرف عضو الهيأة الإدارية بشكل أكيد وتام قوانين حقوق الإنسان الأساسية والمواثيق والاتفاقات الدولية كما يعرف آليات العمل الحقوقي وأن يكون قريبا من أنشطة حقوق الإنسان قانونيا إن لم نقل أنه حقوقي متخصص، وإلا عشنا خاضعين لآراء ومفاهيم خاصة ناجمة عن تدني المعرفة الحقوقية بما يجعل المنظمة المعنية بعيدة عن مهامها الحقيقية من جهة، وبعيدة عن تلبية مطالب الناس في حقوقه من جهة اخرى.

وعلى سبيل المثال ما زال بعضهم يستخدم مصطلح ( أقليات ) على الجماعات العرقية أو القومية أو الدينية التي تمثل تاريخ و هوية شعب ومنشأ الحضارة فيها مثلما ( المفروض ) أنْ تحيا تلك الجماعات الإنسانية اليوم بكامل معنى المساواة بعيدا عن مصطلح أقليات الذي طالما أدى للتهميش والاعتداء على حقوق تلك الجماعات ( القومية والدينية )، وطبعا من نافلة القول الإشارة هنا إلى أن قرار أممي أقر بهذا الخصوص، كان يفترض ان لا تغيب عن أعضاء هيأة إدارية للمنظمات الحقوقية كمنظمات حقوق الإنسان الاحوازية في أحد البلدان الأوروبية.

إلى جانب ذلك، يتصدى لمهمة إدارة منظمات حقوقية أناس لم نسمع لهم عن مهمة حقوقية جدية مسؤولة، أو لم نعرف لهم خلفية حقوقية، وهم لم يكتبوا يوما في أمر حقوق الإنسان بخلاف كلمات إنشائية مكررة في مناسبة أو أخرى لا ترقى لحمل مهمة الدفاع عن حقوق مجموعة إنسانية أو حتى حقوق فرد.. لافتقارها الحديث الحقوقي القانوني التخصصي ولافتقارهم للمادة الحقوقية المخصوصة.

وهنا وجب التاكيد، من أجل النهوض بمهام حقوق الإنسان احوازيا ينبغي أن يتجه أعضاء المنظمات الأحوازية لحقوق الإنسان لإختيار الإدارة من الحقوقيين أو ممن لهم النشاط الحقوقي القانوني، وأصحاب الخبرة والعلاقات الجدية المسؤولة بمنظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية، وأن يشيروا إلى تطبيع برامج المنظمة الحقوقية لكي تنهض بمهامها على وفق آليات أداء دقيقة بالارتباط بالجمهور الاحوازي أفرادا كانوا أم مجاميع مما يشكل الوجه الحقيقي لمعاناة هؤلاء الناس.

بقلم : عدنان سعيد

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى