انت هنا : الرئيسية » ثقافة ومجتمع » محطات أحوازية في شهر رمضان

محطات أحوازية في شهر رمضان

محطات أحوازية في شهر رمضان

لشهر رمضان نكهة خاصة في كافة البلدان الاسلامية، ولكل مسلم، حيث يقطن، وكذلك في الأحواز العربية المحتلة فارسيا، يتم الاعداد لشهر رمضان قبيل حلول الشهر بايام وربما اسابيع، تشمل الاعدادات جوانب عدة، منها الاستعداد النفسي، وتمرين الصبيان والصبايا على الصيام، وتلاوة القرآن بانتظام اكثر، وكذلك شراء المواد الغذائية الاساسية، وما يجهز في مطبخ كل بيت أحوازي، مسلم، من الحلويات والعصائر، وغيرها مما يحتاجه الصائم.

وخلافا لكل صائم في البلدان الاسلامية، يعيش المواطن الاحوازي، خلال شهر رمضان، ليس الصيام وتلاوة القرآن فقط، وإنما یمر بـ “شهر السیاسة” باشكالها ووجوهها المختلفة.

يبدأ الشهر بـ “الاستهلال” وهنا تحديدا تتضح الخلافات السياسية، مابين ايران الفارسية والعالم الاسلامي. حين كنت في الأحواز، في عدة مرات، كان الناس، تشاهد الهلال بوضوح، وبنفس الوقت تعلن بعض البلدان الاسلامية، بداية شهر رمضان، وحين نرى الهلال بعين مجردة، هيئة الإستهلال التابعة لطهران لم تعلن أي خبر عن رؤية الهلال، وانما تحاول تأخير البدء بشهر رمضان، بيوم أو يومين أو تسبق الدول الاسلامية الأخرى (بالاعلان عن “رؤية هلال” لم يشاهده احدا)، حيث حوزة قم الدينية لا تريد البدء برمضان يتزامن مع البلدان الاسلامية، وعلى وجه الخصوص العربية منها.

مرت هذه الحالة سنوات عدة، حتى أن تم احتلال العراق في عام 2003، وبنفس الأسلوب شاهدنا كيف تزامن أو التحق الهلال (العراقي) بالهلال الفارسي! وهكذا التحق الأهلة في سوريا ولبنان وغيرها من بلدان بهلال طهران رغم التباين الفلكي!

وفي هذه الحالة، كان العدد الغالب من ابناء الشعب العربي الأحوازي، يبدأ الصيام تزامنا والبلدان العربية، خلافا لطهران وبغداد ودمشق والضاحية في جنوب بيروت، ولم يأتي هذا على اثر دوافع سياسية فحسب وإنما متأثر برؤية الهلال فی الأحواز مباشرة.

وكذلك لرمضان، محطات ثقافية واجتماعية هامة في الأحواز. على سبيل المثال، هنالك العديد من الخلافات ما بين بعض الناس، والمناوشات، تضع اوزارها، ويصبح التسامح، ما بين ابناء المجتمع الأحوازي، هو سيد الموقف، والتقارب، ودعوة الناس بعضها البعض، على مائدة الافطار، من خصوصيات المجتمع العربي الأحوازي، وتمر هذه الحالات بالتقارب غير المسبوق بين الناس، وتفادي خلافات كبيرة، وصغيرة، ويتم عقد قران، العديد من الشباب والصبايا، وتزيد لائحة الزواج، إبان أيام العيد.

كما كان ابناء الأحواز ومازال يمارسون بعض الالعاب الخاصة كـ “المحيبس” وقد اشتهرت لعبة المحيبس في كافة انحاء الأحواز منذ القدم، فتقام مباريات بين ابناء الاسرة الواحدة، وبين أبناء المنطقة الواحدة والمناطق المتجاورة وعادة كانت تمارس اللعبة في البيوت وفي الاعوام القليلة الماضية بدأ الشباب الأحوازي بممارسة اللعبة في الحدائق العامة في ليلالي شهر رمضان الا ان السلطات الايرانية أعلنت عن ممنوعية ممارسة اللعبة.

[ تتكون اللعبة من فريقين، كل فريق يتكون من عدد من الأشخاص قد يتجاوز الثلاث أو أكثر، حتى العشرات، و يجلس الفريقان بصورة متقابلة وبشكل صفوف ويقوم أحد أشخاص الفريق الأول بوضع خاتم (محبس) بيد أحد أشخاص فريقة و يتم أختيار أحد الأشخاص من الفريق الثاني ليعرف (يحزر) مكان الخاتم، و يتم تسجيل النقاط لكلا الفريقين حسب عدد المرات التي تمكن خلالها من معرفة مكان الخاتم، والفريق الذي يحقق الحد الأعلى من النقاط (المتفق عليها بين الفريقين) هو الفائز.
ومن طقوس هذه اللعبة، يتناول الفريقان، والجمهور، بعد انتهائها، بعض الحلويـات، والفواكه التي يتحمل ثمنها الفريق الخاسر.
تهدف لعبة المحيبس الى تقوية أواصر المحبة والصداقة بين أبناء الحي الواحد، والتعارف وتوطيد المحبة والألفة بين ابناء المناطق المختلفة وكذلك تعلم كيفية كتم السر بين ابناء الوطن المحتل.”نقلا عن موقع بوابة فيتو مع التصرف بالنص”]

 

وتاريخيا حول شهر رمضان والحدث العظيم الذي وقع في هذا الشهر، أي استشهاد الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، وحين رواية اهل السنة تتحدث عن عملية اغتيال لثلاثة من قيادات الدولة الاسلامية على يد الخوارج وهما علي بن ابي طالب في الكوفة ومعاوية بن ابي سفيان في الشام وعمر بن العاص في مصر، وفي تلك العملية، استشهد الامام علي بن ابي طالب، وجرح معاوية، واغتيل رئيس الحرس في مصر، حيث كان قد تم تكليف هذا الاخير، باقامة صلاة الفجر، من قبل عمر بن العاص. ولكن تأتي رواية البعض متجاهلة احداث الشام ومصر ويتم التركيز على ما حدث في الكوفة دون غيرها.

ورغم ان شهر رمضان هو شهر الخير والبركة والتقرب الى الله، والتأسيس للمحبة بين الناس، وخاصة بين المسلمين بشتى طوائفهم، الا ان نرى في رمضان، يبدأ التهجم على طوائف من المسلمين، ويقول الأحوازي عادل العابر في مقال سابق: “وفي الأحواز توجد جماعة تسمى (الملالي) ويلقبون أنفسهم (خدام أهل البيت) ومهنة هؤلاء الخطابة والنواح في شهري رمضان ومحرم! والحقيقة أن أكثرهم أناس غير متعلمين وغير مثقفين ومستوى تعليمهم الكتابة والقراءة لا اكثر، فهم نفس التلاميذ الذين لم ينجحوا في دروسهم في الأمس! وقد رسبوا كراراً ومراراً في الدروس حتى طردوا من المدارس-وأنا أعرفهم- فلم يجدوا باباً لطلب رزقهم سوى مهنة (النواح).

فهؤلاء يصيغون الأكاذيب حول استشهاد الإمام على والإمام الحسين عليهما السلام كي يبكوا الناس! ويكررون ما يقولون في كل عام.”

 

وأما عن لعبة “قرقيعان”؛ [قرقيعان، في الأحواز والكويت وشرق السعودية، أو قرقاعون في البحرين أو قرقنقعوه في قطر أو القرنقشوه في عمان، والماجينة في العراق، هو تقليد سنوي ومناسبة تراثية يحتفل بها في بلدان الخليج العربي حتى اليوم حيث يطوف الأطفال في منتصف شهر رمضان خلال ليالي 13 و14 و15 رمضان ويرددون الأهازيج وتوزع الحلوى عليهم وتختلف الأهازيج بحسب المناطق أختلافاً بسيطاً وتتشابه في المضمون، ويرتدي الأطفال زياً معينا لهذه المناسبه، والتسميه مشتقه من (كلمة قرقعة) اي اصدار اصوات من مواد صلبه وهي صوت الأواني المعدنية التي تحمل الحلويات يضربون بها الاطفال بعضها ببعض.

وينادون:  قرقيعان وقرقيعان ، الله يخلي الرضعان … الخ …. (نقلا عن ويكي بديا )]

وكذلك تحظى الحوارات السياسة، والمسلسلات، والدراما، باهتمام كبير، من قبل المواطن الاحوازي، حتى أن يصل العيد ويلّوح الاختلاف مرة اخرى، حول رؤية هلال شهر شوال، الذي يتأثر بسياسة طهران، دون الاهتمام بموضوع الأفق وعلم الفلك، وفي السنين الماضية، اتذكر ان تم اعلان العيد حوالي الساعة الثانية عشر ظهرا، حدث ذلك بالرغم من رؤية الهلال في الاحواز في اليوم السابق له، حيث تم اعلان العيد شعبيا بين عامة الناس وبدأت المعايدات رغم إصرار السلطات الايرانية على تأجيل العيد الى اليوم الأخر، وفشلت حينها مساعي طهران التي تهدف الى عرقلة دخول السرور والبهجة والفرح بيوت الاحوازيين، ففرحنا في ذلك العيد العظيم وعانقنا بعضنا البعض رغم أنوف من لا يرضون بدخول الفرح والبهجة في بيوتنا من أزلام الاحتلال الفارسي. كما تم تقسيم زكاة الفطر أي ما تعرف بـ “الفطرة” عند الأحوازيين مابين ابناء المجتمع الأحوازي من المحتاجين دون تسليم الزكاة الى أي شخص مما يعرفون بـ”الملالي”.

كتب: نـوري حـمـزة

 

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى