انت هنا : الرئيسية » اخبار » نظرة على أسباب وأهداف اعتقال ثلاثة من النشطاء الأحوازيين

نظرة على أسباب وأهداف اعتقال ثلاثة من النشطاء الأحوازيين

3prisonerأفادت الأخبار الواردة من الأحواز ان السلطات الايرانية قامت بمداهمة بيوت ثلاثة من النشطاء الاحوازيين واعتقالهم في الصباح الباكر من يوم الاثنين السادس عشر من يناير 2017. وحسب المصادر الأحوازية ان النشطاء الاحوازيين الذين تمت مداهمة منازلهم هم كل من عيسى دمَنَي (ابو عماد)، وناجي الحيدري (ابو عبدالسلام)، ومجاهد الزرقاني.

واعلن نشطاء حقوق الانسان الاحوازيين ان هذه الاعتقالات كمثيلاتها في السابق، تمت دون سابق انذار، مصحوبة بإرهاب العوائل والأطفال الذين كانوا يرقدون في النوم في ساعات متأخرة بعد منتصف الليل. وحسب آخر المعلومات ان متابعات ذوي المعتقلين لم تجدي نفعاً في الوصول الى أسباب الإعتقال والتهم الموجهة لهم، غير انه تم التأئيد من قبل ما يسمى بـ”ستاد خبري” انهم محتجزون من قبل وزارة الاستخبارات الايرانية. وتجارب سائر النشطاء من ذوي الملفات المشابه تدل على انهم سوف يواجهون تعذيبا مبرحاً لإرغامهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، خاصة وان كل من هؤلاء الشباب سبق وتم اعتقاله في السنوات الماضية بسبب أنشطتهم الثقافية والاجتماعية.

النشطاء الذين تم اعتقالهم كانوا ينشطون في المجالات الإجتماعية والثقافية؛ كإقامة جلسات الشعر وصفوف القرآن واللغة العربية للشباب العرب الاحوازيين المحرومون من التعلم بلغتهم الأم.

Damani1

فما هو معروف عن عيسى دَمَني انه شاب مهذب، وذو أخلاق عالية، ويحبه كل من رافقه. يعمل عيسى في دائرة حكومية، وفي أوقات فراغه ينشط في مجال الصحافة والاعلام. عمل في جريدة الحديث وكتب فيها المقالات وساهم في إقامة المهرجانات الثقافية التي تهتم بالشعر والأدب العربي. وكذلك الناشط الآخر، ناجي الحيدري، جميع النشطاء في الداخل يعرفون أنه سمى ابنه عبدالسلام، لأنه يحب أن يعم الخير والسلام في جميع المجتمعات بما فيهم المجتمع الاحوازي. يحب القراءة والشعر والادب العربي، وصعوبة أحوله المادية لم تمنعه عن ممارسة هوايته في القراءة والمطالعة، وحاول ان يكمل دراسته في جامعة الخفاجية لإكمال دراسته على الرغم من التكلفة المادية الباهضة التي تجلب له ولعائلته الكثير من العناء. وأما مجاهد فهو شاعر وطني مثله مثل سائر الشعراء الوطنيين الذين تغنوا بحب الوطن والناس وأنشدوا القصائد والأبيات ليضعوا بصمة في سبيل احياء اللغة العربية وحتى لا يصبح التراث العربي الاحوازي في غياهب النسيان.

 

هؤلاء النشطاء الثلاث يحضون باحترام وتقدير من قبل أبناء جلدتهم لانهم كانوا يهتمون بالمصلحة العامة لشعبهم مستخدمين السبل المتاحة للنشاط في إطار المسموح به من قبل السلطات الإيرانية. ولكن يبدو ان السلطات الارهابية الإيرانية لم تعد تحتمل عمل النشطاء الاحوازيين حتى في ظل القوانين الايرانية نفسها.

فالسؤال المطروح، ما الذي اقترفه هؤلاء النشطاء كي يتم معاملتهم بهذا الشكل الوحشي؟ للإجابة عن هذا السؤول علينا ان نراجع الأنشطة التي كانوت يقومون بها في الفترة الأخيرة. ولكن قبل هذا لابد من الإشارة الى الطبيعة الإرهابية للنظام الايراني في تعامله مع النشطاء السياسيين والمدنيين خاصة من ذوي الأصول الأحوازية. فسلوك هذا النظام مبني على الإرهاب ليس مع النشطاء فحسب بل ذويهم ايضا ينالون قسطا كبيرا من هذا الارهاب، الامر الذي سوف نتطرق اليه في مجال آخر ان شاءالله.

بعد البحث والتحري توصلنا الى ان آخر أنشطة هؤلاء الشباب كانت تشمل أمرين؛ الأول: هو انشاء مؤسسة خيرية لمساعدة عوائل المحتاجين والمعوزين والثاني: انشاء مجموعة مكونة من عدد من الشباب الواعي والمثقف للإرتباط برؤساء القبائل لتشجيعهم والتعاون معهم للحد من انتشار التقاليد والعادات القبلية المضرة التي لا تجلب للمجتمع الّا النعرات والصراعات والتخلف عن ركب الحضارة والتقدم. علماً ان النظام الايراني سبق وأسس ما أسماها “دائرة شؤن القبائل والعشائر” (ستاد العشائر)، ليلزم زمام كل الامور حتى القبلية منها. وهذه الدائرة لم تأتي بنفع لشعبنا غير ازدياد في تقاضي الرشوات والحث على النعرات القبلية. وفي المقابل عمل النشطاء الاحوازيين في النقد الذاتي للتقاليد المضرة حقق بعض الانجازات والتفاعلات الايجابية من قبل الشرائح المختلفة من المجتمع خاصة رؤساء القبائل.

ولابد من الاشارة ايضاً ان ما قام به هؤلاء الشباب لم يكن بدوافع سياسية او بإيعاز من أي جهة سياسية داخل او خارج البلاد، بل هم أرادو ان يقوموا بواجبهم تجاه شعبهم وأهلهم وكانوا يظنون ان هذا النظام من سعة الصدر بمكان حتى يسمح بمثل هذه الانشطة.

Naji

وهل يا ترى هذه الأنشطة تستحق العقاب والاعتقال بشكل وحشي؟ فعند ما مجموعة من الشباب تأخذ على عاتقها مسؤولية مساعدة المحتاجين، فان هذا الامر سوف يؤدي الى رفع عبء عن كاهل النظام نفسه الذي يتوجب عليه القيام بإيواء الفقراء . أو عند ما يساهم نفرٌ من أبناء المجتمع في اصلاح العادات والتقاليد القديمة والمضرة فان هذا الامر سوف يحدّ من نسبة انتشار الجرائم في المجتمع ومردوده يرجع في المحصلة النهائية على المجتمع والنظام القائم نفسه.  في الوقت الذي يكون النظام أحد المستفيدين من أنشطة هذه المؤوسسات فلماذا يقوم بإعتقال أفرادها وزجهم في السجون كانهم باشروا بمحاولة للإنقلاب على النظام؟!  المفارقة العجيبة في تصرف هذا النظام أن لو كان هذا النشاط في بلد آخر وتحت سلطة غير السلطة الايرانية لتمت مباركته ومكافئته. ما هي الأسباب التي تجعل النظام أن يكافئ النشطاء الأحوازيين بالسجن والتعذيب؟!

الجواب على هذه الأسئلة يكمن في سلوك وطبيعة النظام الايراني. فان الطبيعة الديكتاتورية لنظام الملالي لا تسمح بنشاط المؤسسات المدنية المستقلة التي تخرج من صلب المجتمع ولم تكن تابعة له. فالنظام الايراني لا يريد ان تقوم قائمة للشعبوب غير الفارسية في ايران خاصة للشعب العربي الاحوازي ولا يرضى بان تكون له مؤسسات ثقافية ومدنية تبحث عن وسائل لمعالجة آلامه وتكون جسراً تربط أعضاء المجتمع المتناثرة، وتصبح نواة للعمل الجماعي المعتمِد على القدرات الذاتية.

ان ما قام به هؤلاء الشباب كان يبعث الأمل في قلوب الشرائح المختلفة من المجتمع ويقوي أواصر المحبة والأخوة والتلاحم بينهم، ويهدف الى نبذ النعرات القبلية والكراهية والعداء بين أبناء الوطن. وهذه هي الامور التي يرفضها النظام الديكتاتوري الايراني والمعادي للعروبة. فانه يريد للشعبنا ان يغرق في التخلف والصراعات القبلية وأن يسود الفقر والبطالة بين الأغلبية الساحقة من أبنائه. انه يريد أن يدفن آمال وطموحات اولئك الذين يريدون أن يرتقوا بمجتمعهم الى الافضل. انه عدو الامل والعمل المخلص بل انه عدو الانسانية.

يريد هذا النظام أن يضع معايير لكل مجريات الامور اليومية للمجتمع، حسب مصلحته، وهذه هي صفات الانظمة الشمولية كالنظام الايراني. وهذا ما لابد من مقاومته ومعارضته.

يستمد النظام الايراني قوته من زرع الخوف والارهاب في قلوب المواطنين، وهؤلاء النشطاء الثلاث حاولوا ان يقاموا ويعارضوا بعملهم، هذا الخوف الكامن على القلوب من خلال تقديم أعمال بسيطة ولكن ذات رسالة عالية ألا وهي؛ اننا نستطيع ان نقف على ارجلنا.. نحن نستطيع أن نعمل في ظل كل الظروف القاسية.. وأن الامل موجود في قلوب ابناء هذا الشعب..، ولا يمكن لهذا النظام القاتل للآمال ان يطفئ مشاعل النور في هذا المجتمع المتقد. ولعل أهم رسالة في أنشطة الشباب الثلاث المعتقلين هي التحدي للنظام الجائر الذي يرفض كل عمل خارج من دائرة سلطته وإمرته. …. فروح المقاومة تنبع من المخالفة لما يريده الحاكم.

اذاً فما الحل طالما يعارض النظام الايراني أي نشاط؟ أليس من الأفضل أن يسكت النشطاء ولا يلقوا بانفسهم الى التهلكة كي يحافظوا على سلامتهم؟؟! … إن ما يريده النظام هو أن يبعث روح اليأس والخنوع بين أوساط شعبنا، وإن الإذعان والتسليم لما يريده النظام هو بمثابة المساعدة والمساهمة في تحقيق أهدافه. فالطريق الوحيد لكسر جبروت الطاغية هو الإصرار على التحدي والاعتماد على القدرات الذاتية والعمل الدؤوب في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة. 

عبدالرحمن الاحوازي

رابط المقال على موقع المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى