انت هنا : الرئيسية » سياسة » نظرة على مفهوم الوطنية

نظرة على مفهوم الوطنية

 محاولة لفهم الواقع الأحوازي
Raisan
تحديد مفهوم “الوطنية” حتى بالنسبة للدول المستقلة ليس سهلاً و كثيرا ما نرى القوى السياسية في هذه البلدان تتهم بعضها البعض بألاوطنية. هذا يحدث في البلدان المستقلة فما بالك بالاحواز القابعة في ظل ايران.
في حالة الدول المستقلة الوطن و استقلاله و وحدة اراضيه و هوية الدولة اسس لايمكن المساس بها و اي اخلال بهذه العناصر سيوصف بالخيانة بالوطن. كما ان المفاهيم التي تدل عليها هذه العناصر في المخيال الوطني تكونت و ترسخت لدى شعوب هذه الدول ابان مرحلة التحرير و السنين العديدة التي تلتها. مع هذا التدريج و الاستقلالية في بناء مفهوم الوطنية لدى هذه الدول لكن كثيرا من هذه الدول العربية ذات التركيبة القبلية او الطائفية لم تتمكن من بناء وطنيتها الخاصة بها مما تسبب في ابقاء الابواب مفتوحة للتدخل الاجنبي و خاصة الايراني منها.
بالنسبة للاحواز فالحالة لايمكن قياسها مع اي دولة عربية مستقلة و الحالة تزداد تعقيدا مضاعفا. صحيح ان الفصائل التحررية الاحوازية بدأت نشاطها منذ بداية الخمسينات من القرن العشرين الميلادي لكن هذا النضال التحرري لم يخرج من حلقة مناصري هذه الجبهات و لم يبلغ الشعب الا شريحة صغيرة منه. فبقى مفهومي “الوطن” و “الاحتلال” في حوزة شريحة صغيرة ذو توجه سياسي مناصر للقضية الاحوازية ونظراً لان (“مفهوم” “الوطن”) لم يتبلور لدى الشريحة ذات الغالبية المطلقة من الشعب بقى مفهوم “الاحتلال”، “مفهوم”، “غيرمفهوم” و غير متداول لدى جل الشعب العربي الاحوازي.
لكن ماحدث خلال الثمان عقود المنصرمة من الحكم العنصري للنظام الايراني في الاحواز، كشف زوايا عدة من لاانسانية هذا النظام لدى الشعب العربي الاحوازي. فكل مواطن أحوازي حسب رؤيته و فهمه للواقع و حسب امكانيته حاول ان يفعل شيئاً لمصلحة العرب الاحوازيين. البعض من هؤلاء المتطوعين من اجل خدمة الشعب يدرك العرب الاحوازيين على اساس انهم عشائر و لديهم حقوق او يستحقوا الحصول على حقوقهم السياسية و الاجتماعية و الثقافية في اطار ايران ديمقراطية و البعض الاخر يعتقد ان الأحوازيين يستحقوا الحصول على حكم ذاتي او فدرالي او حتى الاستقلال عن ايران.
ما هو واضح ان نحن في مرحلة تطور و لم نصل بعد الى مفهوم واحد من الوطن و الشعب و لا مفهوم واحد من السيادة على الارض او مفهوم واحد لهوية الشعب و تجاه بوصلته الثقافية و المذهبية و هل تكون عربية ام ايرانية.
في ظل هذا التعقيد يواجه الشعب العربي الاحوازي مخطط ايراني للقضاء على وجود وهوية هذا الشعب العربي وتغيير الواقع الديموغرافي والثقافي والانتمائي تغييراً جذري.
الشعب العربي الاحوازي نظرا لتركيبته الاجتماعية القبلية يعيش حالة يصعب اضفاء الوحدة عليها. كما ان النواة السياسية و المثقفة لهذا الشعب لم تمر بتجربة مشتركة و كل منهم لديه رؤيته الخاصة به. ان يجتمع عدداً من السياسين الاحوازيين في المهجر و يختاروا ثوابت وطنية لهم و لكل الاحوازيين فهذا يعتبر قفز على التأريخ و ماديته و صيرورته.
يبدو أن في هذه الظروف البالغة التعقيد كظرفنا الراهن لايمكن ان يتفق الشعب العربي الاحوازي على ثوابت مختارة من قبل عدة خاصة و لايمكن في هكذا ظروف الاتفاق على سقف عالى للمطالبات. لكن هناك امر مشترك يقبله جل الاحوازيين و هو الظلم الذي يستهدف هذا الشعب وكذلك الخطر الايراني على الوجود الاحوازي المجسد في الواقع يمكن ان يكون القاسم المشترك مع كل الاحوازيين. تحديد هذا الخطر و تبيينه سوف يساعد في رسم ملامح العمل الوطني و الهوية الوطنية، لكن قبل ان يتم هذا التحديد يجب ان نبين من هي الجهة المؤهلة لرسم هذه الملامح.
بالطبع لايمكن لأي جهة تضع نفسها مرجع لهذا الامر والنجاح في هذا المجال يبتني على قدرتنا في فهم خطورة الامر و اختيار السبيل الناجع. اذن في مسيرتنا نحو الوطنية و قبل ان نبداء برسم ملامحها يجب ان نعترف ببعضنا البعض و نتقبل خلافاتنا لكي نتمكن من الاجتماع لمعالجة همنا المشترك.
خلف التشبث المطلق بالمشاريع الحزبية و الرفض التام للاخر و مشاريعه، تكمن دوافع عدة. احدى هذه الدوافع هي حفظ الذات من النقد و المُسائلة و الجميع يعرف ان لم يكن هناك مخالف وناقد ستفسد الامور والحزب اذا انفرد بتصرفاته سيذهب الى الفناء ويدمر معه طاقات لايمكن استرجاعها. كما الخسران لايختصر على الطاقات الشعبية المنتمية للحزب فقط بل الانفراد يلعب بمصير القضية برمتها و يدخلها متاهات غير محسوبة العواقب. هؤلاء حتى اذا كانوا يحسبون انفسهم صاحبي القرار لاصدار التراخيص للتضيحة بارواح الشباب الاحوازيين المنتمين لهم دون ان تكون لديهم مبررات قوية لهذا العمل،  لكن لايملكون الحق في الاضرار بالمصلحة الوطنية فهذه الاخيرة ليست ملك جهة خاصة لكي تلعب بها كما تلعب بارواقها الخاصة، حتى اذا كانت هذه الجهة وضعت ثوابت لها وأدعت انها ثوابت للجميع. على سبيل المثال الجهات التي تمارس العمل العسكري لاترغب ان يناقشها احد عن جدوى عملها العسكري او عن التوقيت لهذا العمل الذي يدفع ثمنه شباب الاحواز الابرياء، كما لا يرون انفسهم مسؤولون عن اعطاء أي تبرير منطقي و واقعي يفسر النتيجة التي حصلوا عليها خاصة و ان الكلفة التي يدفعها الشباب الاحوازي كلفة باهضة. المثال الاخر هو تشبث اهل الفدرالية بمشروعهم السياسي بحيث اصبحت الفدرالية لدى هؤلاء مبداء يعلو على الارادة الاحوازية. هؤلاء نصبوا انفسهم علماء للشعب و مرجع لتشخيص الصواب من الخطاء بحيث يقررون ان يشاركوا في أي اجتماع معارض ايراني دون أية انتباه أو استشارة من قبل الاحوازيين و يقرروا للاطار الخاص الذي يطرحون به القضية الاحوازية و كانه مستقبل الشعب العربي الأحوازي أمانة ظلت على يديهم هم وحدهم ولاغير!
 فوصل الامر ببعضهم الى اقتطاع اجزاء من التاريخ الاحوازي واختزاله في دور شريحة صغيرة كما حدث بالنسبة لقضية استشهاد 12 الف احوازي في الحرب الايرانية-العراقية، ليبرهنوا على ان الاحوازيين ينتمون الى ايران. نتيجة هذه التصرفات الاحادية التوجه و نتيجة فقدان أي ضابط يضبط هذه الفوضى في الساحة السياسية الاحوازية حدث طلاق ارتضى به الطرفين بحيث لا احد ينقد و يسئل قادة العمل العسكري على جدوى تصرفاتهم ولا احد يعرف ماذا يدور في مؤتمرات الفدراليين وما هو المستقبل الذي قد ارتؤه لنا. في هذه الفوضى الطرفين استند كل منهم الى تصرفات شريحة صغيرة من الشعب و وجهوها بالاتجاه الموافق لهم، ضاربين عرض الحائط مادية و استمرارية التأريخ وتحدثوا باسم الشعب العربي الاحوازي فقال احدهم ان الشعب كله يريد التحرير و قال الاخر ان الشعب يريد حقوقه البسيطة في اطار ايران.
احد اهم المخاطر التي تواجه مصير شعبنا هو استمرار التشتت و الفرقة في صفوف السياسين الاحوازيين المنادين باسم الوطن وعدم بلورة مفهوم واضح  للوطنية يسود الساحة الاحوازية ويوقف استهلاك الطاقات الذاتية ويضع حد للمجابهة و تطبير الذات  والجميع يعرف ان شتاتنا وعدم بلوغنا مفهوم الوطنية يفرح العدو قبل أي جهة اخرى. الدعوات ذات التوجه المطلق والاستعلائي التي تحاول السطو على الساحة الاحوازية و مصادرة التعددية الموجودة في هذه الساحة تساهم في اطالة عمر مرحلة ما قبل الوطنية وتعتبر جزء من مشكلة عدم بلوغنا مفهوم واضح من “الوطنية”. طبعا هذا الامر لايختصر على جهة خاصة بل يشمل الجانبين المتناحرين من الحركة الاحوازية و الطرفين لديهم محاولات من اجل مصادرة الساحة برمتها و اظهار مشروعهم الخاص على انه المشروع الشرعي و الناجع الوحيد الذي يمثل مطالبات الشعب العربي الاحوازي ويمكن ان يوصلهم الى بر الامان.
من جهة اخرى “المواطنة” هي احدى اهم زوايا “الوطنية” مما تعني بالنسبة لألبلدان المستقلة العلاقة بين “المواطن” و “الدولة” و تدل على المكانة الانسانية والاحترام الذي يتمتع به المواطن بناء على هذه العلاقة. اما بالنسبة لنا،يبدو ان المواطنة يمكن ان تعني المكانة التي نخلقها للانسان الاحوازي في خطابنا السياسي ويمكن ان تعني السلوك والتعامل معه و مطالباته كما يمكن ان تعني المكانة المحتملة للانسان الاحوازي التي نرسمها الان لمرحلة مابعد الحصول على سيادتنا على ارضنا في المستقبل.
فعلى سبيل المثال اذا اعطينا المراة دور الولّادة (بتشديد اللام) للابطال في خطابنا فاننا قد طردنا المرأة المتحضرة من أنفسنا واذا تكلمنا الفصحى وبلهجة ابوية مع الشعب وقلنا؛ ان تصبح سنياً سيكون أفضل لك أو افضل لك ان تكون ايرانياً، يختلف كثيرا عما اذا تكلمنا معه العربية باللهجة الاحوازية و كأخ اصغر له او يختلف عما اذا قلنا له اننا نحترمك ان كنت شيعياً ام سنياً ونحن سندافع عنك مهما كانت هويتك المذهبية مادمت احوازي و تنتمي للشعب العربي الاحوازي وأرض الأحواز حتى وان لم تتكلم العربية،  او قلنا له؛ الحق لك في تقرير مصيرك، حتى ان لم يكن من الممكن تحقيقه الان لكننا سوف نعمل في الاطار الذي يتوافق مع ماضيك و حاضرك في ضمن الممكنات حتى نحقق لك حلمك في ضمن مراحل.
 في حالتنا الراهنة لايمكن ان يتأسس مفهوم “المواطنة” على اسس مطلقة يتم اختيارها من قبل مرجعية خاصة بل المواطنة يجب ان تستوعب “التعددية” و “التنوع” الاجتماعي و السياسي و المدني و الديني و المذهبي الموجود في اوساط الشعب العربي الاحوازي و يتخذ التسامح و الحوار مع الاخر وسيلة لبناء خطاب يؤسس لمواطنة تحترم الجميع و لاتقصي احد الا من تنصل عن احوازيته وعمد على تغيير هويته. يبدو أن على المناضلين الاحوازيين اذا ارادوا كسب ثقة الشعب العربي الاحوازي ان يؤسسوا لمفهوم شامل للمواطنة وإلا النظام الايراني سيتمكن من خطف الانتماء لدى الشريحة المتحضرة او الشرائح الاخرى التي لاتجد لها مكانة في خطاب المعارضة الاحوازية.
مرحلة الوطنية لايمكن ان تكون استمرار لـ”مرحلة النشاز” القائمة الان، كما لايمكن ان تكون استمرار للمجابهات و الاتهامات المتبادلة. السبب هو ان الوطنية تأتي طوعياً و تنشأ عن قناعة فردية و سوف تكون نقلة نوعية في النضال السياسي الاحوازي من مرحلة التشبث بالمطلق المثالي الى مرحلة القبول بنسبية الامور و الارتضاء بالحوار و النقد البناء المتبادل وسيلة للوصول الى اجماع حول اصول لضبط العملية السياسية الاحوازية ورسم ملامح حدود الاطار المناسب لطرح المطالبات الاحوازية والاتفاق حول قضايا مصيرية تخص مستقبل الشعب العربي الاحوازي ككل، دون تحديد الاحوازيين في اختيار مشروع خاص بل الاعتراف بالتعددية و الاختلاف هو الذي سيصون المصلحة الوطنية من سطوة المصالح الحزبية و الفئوية الضيقة.
 في ظل الوطنية لايمكن اختزال التأريخ او تقطيعه اوصالا من اجل توظيفه في مشروع معين، التأريخ الاحوازي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار كمنظومة شاملة تحتوي في نفسها تناقضات اجدادنا وابائنا وصراعاتهم بالماضي وفي نفس الوقت وعبر الاحتفاظ باستمرارية تأريخنا يمكن الاسهام في بناء اطارنا النضالي بالشكل الذي يتفق مع تنوعنا السياسي والاجتماعي و يضع لنا اتجاه بوصلة العمل النضالي.
يعول اصحاب الرؤى الحزبية الاحادية الجانب على فطرتنا البسيطة و سذاجتنا في التعاطي مع الواقع و بدوية فهمنا له و تمسكنا بالاصل الذي يعتبر الحقيقة واحدة وتوجد لدى الحاذقين. و كما كانت خسارتنا لوطننا لسبب اننا كنّا نعيش في اطار اجتماعي قبلي لم يصلح لزمانه فاننا اليوم مطالبون باسترجاع وتحديث اسلوب قراءتنا للواقع والتعامل معه من اجل ان نضع حد للخسران. هؤلاء (الحاذقين) يستغلون هذه الفطرة الانسانية البسيطة والبريئة في ذواتنا ويشيدون عليها صروحهم التي لاتقاوم رياح النقد الهادئة ناهيك عن العواصف. هؤلاء الحاذقين! موجودون في الجانبين من الحركة الاحوازية.
الحقيقة التامة لاتوجد لدى أي طرف احوازي بل سيمكن الوصول اليها باجتماع كافة الاطراف(بمعنى الأفكار وليس التكتلات) الاحوازية. في الاجتماع وفي لم الشمل فائدة لم تستفيد منها قضيتنا العادلة حتى الان، وفي الفرقة والتشرذم مخاطر عبثت بقضيتنا منذ عشرات السنين وضحت بأرواح العديد من شبابنا دون نتيجة ملموسة، والان نفس تلك الأفكار التي عملت وتعمل على استمرار التشرذم بوعي ودون وعي تريد ان تضحي بتأريخنا العربي وتخلق لنا انتماء ايراني وهناك من يريد يخلق لنا إنتماء طائفي ولاغير!
في الاجتماع شرعية، تسقط شرعية المستفردين، الذين لايطيقون النقد، ويريدون العبث بمقدرات شعبنا المعنوية والمادية دون أي مسائلة. في الاجتماع كل جهة تتأثر بالاخرى و تُأثر عليها و فيها ايضا نصحح انفسنا كما نزداد شرعيتاً بعد كل تصحيح لموقفنا عبر هذا الاجتماع.
لكن ما هي الشروط المقدمة على هذا الاجتماع لكي تجعله مفيدا كما نتصور؟ هل اجتماعنا كما اجتمعوا قادة العرب بحضور لورنس البيريطاني و اقتتالهم في نفس الاجتماع سيكون مفيدا؟
بالطبع كلّا. من اجل ان يكون اجتماعنا اجتماع ناجع على الاطراف الاحوازية المجتمعة ان يكونوا بقدر هذه المسئولية من جانب المؤهلات و من جانب الانتماء الوطني بحيث كل لايلتهي فقط بمشروعه والدفاع عنه ويرفض المشروع المخالف له بل يحمل رؤيةً لنقد المشروع المخالف والجميع يعرف ان الرد والرفض هو اسهل مايكون لكن النقد شي أخر ويحتاج الى تعمق وتامل ومتابعة. اذن احد اهم الشروط المقدمة على هكذا اجتماع هو التعهد بعدم رفض أي مشروع رفض بات والتمسك باحترام كافة المشاريع و مناقشتها باسلوب حضاري لكشف نقاط قوتها وضعفها. الشرط الاخر هو ان كل مشروع يعتبر مشروع لكل الاحوازيين ولايمكن لاي جهة ان تعتبر مشروعها خاص بها وتضع نفسها فوق النقد والمسائلة. فاذا حصل شي من هذا النوع و نأت مجموعة بنفسها عن الاخرين فهذا لايعني ان الاحوازيون يتركوها وشأنها لتعبث بقضيتنا ومصيرها و يجب عليهم ان يضعوا مشروعها تحت المجهر و ينقدوه كما لو كانت حاضرة بينهم. اذن لا مناص من النقد ولااحد مصون من النقد والمسائلة.
محاولات نحو الوطنية؛
لاتوجد وصفة خاصة لوصولنا الى “الوطنية” لكن يمكن وعبر تبيينا للعقبات التي تقف امامنا في طريقنا نحو الوطنية ان نزيد الوعي العام الاحوازي في هذه الاطار لنكون جاهزين لبلوغ تلك المرحلة. في هذا المجال يمكن ان نسترجع انفسنا والحلقة الضيقة التي ننتمي اليها وان نعي وجودنا وعصبيتنا تجاه هذه المجموعة. من ثم يمكن ان نرى مدى تماشينا الاعمى مع هذه الحلقة وان نعرف مدى تأثير هذه المجموعة علينا في نظرتنا للواقع وماهي النظارة التي تضعها هذه المجموعة على عيوننا. على أي حال من اجل التأسيس لوعي جماعي لإجتياز العوائق التي تقف امامنا في طريقنا نحو “المرحلة الوطنية” يمكن ان نذكر النقاط التالية:
النظرة المطلقة هي سبب كل المصائب التي نواجهها،
“الرفض التام” و “القبول التام” هم من علائم النظرة المطلقة وهما يساهما في اطالة عمر مرحلة ماقبل الوطنية.
“تخوين الاخر” او “تكفيره” او “تحميقه” هم من علائم الاستعلاء والتطرف في وجهات النظر الاحادية وتدمر أي مسعى من اجل الوصول الى مرحلة الوطنية. أي رفض غير منطقي او غير معزز بالاستدلالات المنطقية المقبولة من عدة جهات لا يمكن ان يساهم في خلق فضاء وطني ولايساعد في التقدم نحو الوطنية بل يساعد في ابقائنا في مرحلة الشتات والشرذمة.
النقد المنطقي المستند للاستدلال و المنطق المقبول من قبل عدة جهات هو الذي ينقلنا الى الامام نحو بلوغ مرحلة الوطنية،
والاختلاف هو سمتنا ونحن مختلفون على كل شي فأي مشروع لايأخذ هذا التنوع و التعدد بعين الاعتبار لايمكن ان يفرض نفسه على الجميع و لاشرعية لأي جهة الا أن تأخذ الجمع الاحوازي بعين الاعتبار.
الشرعية تكتمل باجتماع كل الاحوازيين او باجتماع جلهم وابقاء الباب مفتوح لكل من يريد الاجتماع بهم وستبقى الشرعية منقوصة حتى يكتمل الاجتماع الاحوازي بحيث يمثل كافة شرائح الشعب العربي في الاحواز.
أخير وليس أخرا ان الوطنية هي قبول الواقع الاحوازي بكامل تعدديته وتنوعه والاعتراف بالخلافات وقبولها والجلوس على طاولة حوار يشمل الجميع ولايستثني احد الا من هو يستثني نفسه ويبعد نفسه بتلقاء ذاته عن الاخرين.
في المرحلة الراهنة الاستمرار في اصدار النعرات الحزبية الاحادية المطلقة، تكفير او تحميق الاخر الاحوازي، الاجتناب من الاجتماع بالاخر الاحوازي تحت دواعي كالإرهاب او الايرنة هي التي تطيل من عمر مرحلة ماقبل الوطنية و تفصلنا عن المرحلة الوطنية التي توحدنا في مشروع شامل يسوده التنسيق والتفاهم والتناغم دون ان يكون بالضرورة التشابه بالحلول و المشاريع.
درب الوطنية درب وعر وبلوغ الوطنية ليس سهلا والدليل على ذلك هو تشدد بعض الاحوازيين بمفاهيمهم الخاصة بهم للوطنية و تشبثهم المطلق بها. اليوم الذي يقوم به البعض من الجانبين الاحوازيين بالتنازل عن صروح قناعاتهم و يعترفون بامكانية التفاهم مع الافكار والقناعات الاخرى الموجودة في الساحة سيكون يوم انطلاقتنا نحو الوطنية ومخطئ من يظن بتخوين الاخرين واصدار الشعارات الرنانة يمكن ان يؤسس للوطنية في وطن اساسا اهله لم يعرفون وطنهم محتل ام لا؟!
 مهدي الهاشمي

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى