انت هنا : الرئيسية » اخبار » الاحوازيون.. وأحداث العراق

الاحوازيون.. وأحداث العراق

 مما لا شك فيه أن العراق يحتل مكانة خاصة في الأمة العربية بشكل عام و عند الشعب العربي الأحوازي على وجه الخصوص. و يرجع ذلك الى العلاقة التاريخية والثقافة المشتركة التي تربط الشعبين العربيين. أضف إلى ذلك الإمتداد الإجتماعي والقرابة النسبية الموجودة بين الأحوازيين والعراقيين من جهة أخرى قد لا نبالغ اذا قلنا أنه لا توجد عائلة في القسم الشمالي من الأحواز إلّا ولَها أقارب في بلاد الرافدين. واذا ما أضفنا الى العوامل المذكورة الدعم السياسي والمعنوي الذي تلقته القضية الأحوازية من قبل أبناء جلدتهم في بلاد مابين النهرين منذ تأسيس الدولة الحديثة في العراق، تتبين أهمية العراق عند الأحوازيين. مما جعل الكثير من الساسة والمحللين الأحوازيين يعتبرون العراق بمثابة العمق الإستراتيجي للقضية الأحوازية.

حصلت أحداث في الفترة الأخيرة في العراق قد يكون من الصعب الوصول الى حقيقتها وتمييز الصالح من الطالح في هذه الأحداث ولكن ما هو واضح للجميع أن الحكومة العراقية الحالية برئاسة المالكي كانت تحاول جاهدة لتأسيس نظام طائفي على غرار نظام ولاية الفقيه في ايران التي ما انفكت الأخيرة عن التدخل المباشر في جميع شؤون العراق وفرض هيمنتها على هذا البلد العربي، الذي كان يوماً ما بمثابة الرادع لها والكاسر لشوكتها. فجاءت احتجاجات أواخر عام  2012 في الأنبار وسائر المدن العراقية كالرمادي، وصلاح الدين، والموصل ومنطقة الأعظمية نتيجة طبيعية لتنفيذ السياسات الايرانية من قبل حكومة الماكي التي كانت تستهدف سحق الهوية العربية للعراق وإبقاءه كدولة ضعيفة يسُودها الفقر والفساد، مما جعل المحتجون يطالبون بإسقاط النظام الحاكم ذي الاغلبية الشيعية وايقاف التدخل الإيراني في العراق. فلا يمكن فصل الأحداث الأخيرة في العراق عن تلك الإحتجاجات السلمية حتى و إن تدخلت فيها أيادي إقليمية ودولية، لتحقيق مصالحها، يظل الشعب العراقي و مطالبته المشروعة في إدارة شؤونه هي قطب الرحى التي تدور حولها كل هذه الأحداث. فالثورة لم تبدأ قبل شهر أو شهرين بل إبتدءت منذ عدة سنوات وأهدافها سامية وإن تحاول بعض الجهات الركوب على موجة الأحداث لتحيق أهداف دنيئة.

يحاول النظام الايراني إرسال قواته الى العراق ويزج بمواليه الى معارك داخل العراق بذرائع طائفية ليحول دون تحقيق أهداف الثورة للشعب العربي في العراق. فمنذ 2003 الى يومنا هذا والتدخلات السافرة للنظام الايراني مستمرة في العراق. إن مخطط النظام الايراني في العراق يدور حول تحقيق عدة أهداف. الهدف الأول هو افراز طبيعي للعقل الفارسي المملوء كراهية لكل ما هو عربي ويحاولون الانتقام من العرب بشتى الأشكال وكل ما سَنحت لهم الفرصة أبرزوا هذا الحقد في العلن. فإنهم يحملون في قلوبهم حقداً دفيناً للعرب منذ القِدم. لقد “أورثوا هذا الحقد جيلاً بعد جيل” منذ معارك ذي قار والقادسية وكانت هناك دائماً حروب بين الفرس والعرب ممثلين بالعراق والأحواز على مدى التاريخ. بعد إحتلال الأحواز سنة 1925 لقد قامت الدولة الفارسية بتطبيق كل السياسات العنصرية على الشعب العربي في الأحواز من أجل طمس هويته العربية وما تفتأ تصب نار غضبها ليل نهار على هذا الشعب. والهدف الثاني هو الإنتقام من الشعب العربي العراقي على المقاومة التي أبداها طيلة فترة الحرب الثمان سنوات بين ايران والعراق. ومن نماذج هذا الإنتقام يمكن الإشارة الى تصفية الطيارين، والعلماء، والمهندسين والمثقفيين العراقيين الذين كانوا يحملون في قلوبهم حب وطنهم والدفاع عنه مقابل المعتدين.

كان العراق يتمتع بموقع قوة التوازن الإقليمي مع إيران على وجه الخصوص والمنطقة بوجه عام، الأمر الذي تكمُن خلفه أهمية العراق في العالم العربي، باعتباره البوابة الشرقية للوطن العربي والجبهة الأمامية أمام التوسع الإيراني. فالأنظمة الإيرانية تعي هذا الأمر جيداً لذلك كانت دائماً تحاول التدخل في العراق وزعزعة أمنه بشكل وآخر. وبعد إجتياح العراق من قبل الولايات المتحدة وسقوط النظام العراقي السابق في 2003 أصبحت تُدار شؤون العراق من طهران وقم. فالإيرانيون يفضلون وجود دولة عراقية ضعيفة يرأسها عملائها وليس للعرب القوميين دور رئيسي فيها لتحقيق هدف آخر من مخططهم، لذلك قد حاولوا دائماً وبشتى الأساليب تنصيب من يُمرر سياساتهم في العراق.

أما الهدف الآخر الذي يبحث عنه الايرانيون هو إيجاد الفرقة بين الشعب العربي في العراق من خلال تأجيج الصراعات الطائفية في المنطقة، فالإيرانيون هم المستفيد الرئيسي من النزعات الطائفية لأنهم بذلك يبحثون عن ضمان اصطفاف الشيعة العراقيين الى جانب معسكرهم باعتبارهم جنود عراقيين يحاربون من أجل الحفاظ على الكيان الإيراني. فالمخطط الايراني يهدف الى تغيير الصراع من قومي الى طائفي وجَرّ الشيعة من مختلف البلدان العربية مثل لبنان والبحرين واليمن ومن الاحواز الى معركة العراق. يحاول النظام الايراني أن يعزف على وتر المشاعر والأحساسيس الصادقة لدى عامة الناس ويستغل حبهم لأهل البيت ليستخدمها في سبيل مصالحه القومية.

فلقد حاول النظام الايراني ولازال يحاول أن يبعث بأبناء الشعب العربي الأحوازي الى معركة العراق بحجة الحفاظ على أضرحة أهل البيت عليهم السلام. علينا نحن كأحوازيين أن نعي مجريات الامور ولا ننجرف خلف الشعارات المزخرفة والأكاذيب التي يصوغها العنصريون الايرانيون مغلفة بغلاف ديني طائفي يستهدفون من ورائها خدمة القومية الفارسية. إنّ ما يصدر من فتاوى عن أفراد يسمون أنفسهم مراجع تقليد انما هو جزء من مخطط هذه الزمرة ليزجوا بالأبرياء الى الموت في سبيل المحافظة على مصالحهم القومية. إن النظام الإيراني يُحاول أن يَزجّ بأبناء شعبنا في معركة طائفية لا تخدم إلاّ مصالح النظام الإيراني نفسه. الهدف من وراء هذه المحاولات هو ايهام إخوتنا في العالم العربي بإنّ الشعب العربي الإحوازي يدعم مشروع النظام الايراني وبتحقيق هذا الهدف يبعد عنا إخوتنا العرب الذين بدو يتعاطفون مع القضية الأحوازية.

فالفرس لا يعيرون أهمية للإسلام ولا للمقدسات الإسلامية وما يهمهم هو تأمين أمنهم والمحافظة على كيانهم كدولة قومية فارسية وسبق وصرّح كبيرهم الخميني المقبور من إمكانية تعطيل أصول الدين إذا اقتضت الضرورة القومية. كما وظهر هذا في محطات مختلفة من عمر النظام الحالي في إيران على سبيل المثال لا الحصر لقد قامت السلطات الأمنية الايرانية بأعمال قذرة في سبيل مصالحهم الاستخباراتية مثل تفجير ضريح علي ابن موسى الرضاء في مشهد بتاريخ 20/06/1994، واليسوا هم الذين خططوا لتفجير الحرم المكي الشريف في 1986 وقتلوا الحجيج في الحرمين الشريفين في محاولة من هذا النظام العنصري لزعزعة أمن المملكة العربية السعودية. فلقد أثبتت التجارب المتعددة أن هؤلاء القوم لا يكترثون للاسلام ولا بالأصول الإسلامية ولا بقبور المسلمين. إنما لهم أجندة و أهداف و أطماع قومية يحاولون تحقيقها من خلال تحريك مشاعر البسطاء من الناس.

إن ما يحصل في العراق من أحداث متسارعة وما يجري من متغيرات، أربكت القوى الإقليمية المتصارعة وأدهشت الخبراء والمراقبين لأواضاع الشرق الأوسط. سوف تؤثر نتائج مجريات الأمور في العراق بشكل مباشر على القضية الأحوازية ومصير شعبنا مما يتطلب من كافة القوى الوطنية الأحوازية أخذ المتغيرات بعين الاعتبار ودراستها دراسة موضوعية واستثمارها لصالح قضيتنا العادلة.

على النخبة الأحوازية تبيين مخاطر الوغول في شَرَك المخطط الإيراني لكافة الناس و إيضاح نتائج الإنجراف خلف شعاراته المعادية للعرب، من خلال الوسائل والطرق المتاحة. ولا بد من تحذير عامة الناس أنه لا يمكن الوثوق بالنظام الذي دمر بيئتهم ويقتل شبابهم ويصادر أراضيهم ويحاول طمس هويتهم.  فإنّ ما یحدث في العراق صراع قومي بامتياز بدل أن يكون طائفياً كما يروج له الإيرانيون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبدالرحمن الأحوازي

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى