انت هنا : الرئيسية » ثقافة ومجتمع » التکوين الجمالي في التصوير الشعري عند نزار قباني، للباحث الأحوازي؛ د. جمال النصاري

التکوين الجمالي في التصوير الشعري عند نزار قباني، للباحث الأحوازي؛ د. جمال النصاري

التکوين الجمالي في التصوير الشعري عند نزار قباني، للباحث الأحوازي؛ د. جمال النصاري

الملخص:

شکّلَ التصوير الشعري عند نزار قباني مساحات جمالية حديثة و أثرت هذه المساحات في ذات القارئ تأثيراً بالغاً.أما المراحل التي کوّنت هذا التصوير الشعري هي: اولاً: الإنحرافات التعبيرية ثانياً: التشخيص ثالثاً: التشبيه و رابعاً: الإستعارة. و من خلال هذه المراحل الأربع حاولنا أن نشرح التکوين الجمالي في التصوير الشعري عند نزارقباني.

 ترتکز هذه المقاله علی المجهول الآتي: هل أدخل نزارقباني التصوير الشعري في تکوينات جمالية حديثة؟

من الطبيعي جداً أن نری نزارقباني يحرّر التصوير الشعري من قيود الماضي و يفسح له مجالاً رحباً ليسافر في الحداثه وجمالياتها.

المفردات المفتاحية: التصوير الشعري عند نزار قباني، الإنحرافات التعبيرية، التشخيص، التشبيه، الإستعارة.

المقدمة:

کان التصوير الشعري متواجداً في تراثنا النقدي. فيقول الجاحظ «إنما الشعر صناعة و ضرب من النسيج و جنس من التصوير». (علي کندي، 2003، ص18). فالتصوير هو مکوّن أساسي في النظام الشعري لهذا السبب رکزّ عليه شوقي ضيف قائلاً: «أن الشاعر لا يجسم الصورة في وضع معين، بل هو يحرکها في أوضاع مختلفة تسعفه في ذلک لحظات الزمن المتتابعة التي يصوّر فيها صورته، و هي صورة تنبض بالحياة و العواطف البشرية». (ضيف، بلاتا، ص94).

لا يخفی علی نزار قباني أهمية التصوير الشعري فهو أسس مساحات جمالية للرؤی الحديثة و حاول من خلال هذه الرؤی أن يؤثر تأثيراً بالغاً في ذات القارئ و المتلقي؛ معبّراً عن الأقسام الأساسية الأربعة في التصوير الشعري.

اولاً- الإنحرافات التعبيرية: تُعطي الإنحرافات التعبيرية عنصر الدهشة و المفاجاة للشعر و لا يستطيع المتلقي أن يخمّن الحدث الجمالي.

ثانياً- التشخيص: لم يتطرق النقاد المعاصرون إلی عنصر التشخيص کثيراً و بدأوا يشرحونه کإستعارة مکنية في فن البيان الکلاسيکي. إرتانيا في هذا البحث أن نفرّق بين التشخيص و الإستعارة المکنية علماً بالتقارب الموجود بينهما.

ثالثاً- التشبيه: التشبيه من فنون البيانية الکلاسيکية التي اعتمد عليها نزارقباني کثيراً و غيّر فيها حتي أعطاها طابعاً حديثاً.

رابعاً- الإستعارة: أخذت الإستعارة حيزاً واسعاً في شعر نزارقباني و هي المکوّن الأساسي للتصوير الشعري.

أما الأسئلة المحورية لهذه المقاولة هي:

هل أدخل نزارقباني التصوير الشعري في تکوينات جمالية حديثه؟

هل الإنحرافات التعبيرية و التشخيص من مکوّنات التصوير الشعري في النقد الحديث؟

هل استعمالات نزارقباني للتشبيه و الإستعارة هي استعمالات حديثة؟

في بحثنا عن التصوير الشعري عند نزارقباني اعتمدنا علی المنهج الوصفي- التحليلي و توصلنا إلی الفرضيات التالية:

من الطبيعي جداً أن نری نزارقباني يحررّ التصوير الشعري من قيود الماضي و يفسح له مجالاً رحباً ليسافر في الحداثة و جمالياتها.

مما لا شک فيه بأن النقد الحديث يري الإنحرافات التعبيرية و التشخيص من المکوّنات الأساسية في التصوير الشعري. من هذا المنطلق شرحنا هذين العاملين في جماليات التصوير الشعري عندنزارقباني و رأيناه يعتمدُ اعتماداً وافراً عليهما.

أخرج نزارقباني التشبيه و الإستعارة من أدنی مستويات السلم الجمالي و وضعهما في قمة الجمال و السهولة الشعرية.

في الختام سنتذکر الکتّاب و المؤلفين الذين تطرقوا إلی التصوير الشعري عندنزارقباني. فمن أهم هولاء الکتّاب هما بروين حبيب في کتابها «تقنيات التعبير في شعر نزار قباني» و علی أحمد محمدالعرود في کتابه «جدلية نزارقباني في النقد الحديث».

بعد قرأتنا للکتابين رأينا اختلافاً واضحاً في الأسلوب النقدي. اعتمدت بروين حبيب في شرحها علی الأساليب المعاصرة في تکوين التصوير الشعري و هي الإنحرافات التعبيرية و اللون و الحرکة و المساحة. أما علی أحمد محمد العرود دخل في صراع نقدي مع مؤلفين أمثال جهاد فاضل في کتابه »نزارقباني الوجه الآخر» و حاول من خلال استقصائه لآراء بعض النقاد أن يثبت آرائهم التعسفية بحق نزارقباني و نتاجه الشعري. خصصَّ علی أحمد محمد العرود بحثاً بعنوان«الصورة الشعرية» و نقل آراء النقاد المتناقضة قائلاً: «لقد طالت الصورة الشعرية عند نزار بعض وجهات النظر النقدية المتعارضة حيناً و المتفقة أحياناً أخری، لا سيما تلک التي تناولت اللغة النزارية؛ لأن الحديث عن اللغة يتضمنه حديث عن الصورة، فثمه من يري الحس التجديدي و الوهج الحداثي في الصورة النزارية، و آخر يری فيها المسحطة و النمطية و التقليدية المتوارثة في الشعر العربي عبر عصوره المختلفة». (احمدمحمدالعرود، بلاتا،ص200).

أما نحن أرفقنا بحثاً جديداً إلی التصوير الشعري و هو التشخيص و أعطينا أمثلة کثيرة. فضلاً عن ذلک وسّعنا دائرة النماذج الشعرية في المراحل الثلاث المتبقية.

يتکون التصوير الشعري من إنحرافات لغوية في فضاءات عاطفية و نفسية تؤثر علی منطقة الشعور و تنبعُ من اللاشعور. کان التصوير الشعري متواجداً في تراثنا النقدي. فيقول الجاحظ: «إنما الشعر صناعه و ضرب من النسيج و جنس من التصوير». (علي کندي، 2003، ص18) . فالتصوير هو مکوّن أساسي في النظام الشعري لهذا السبب رکزّ عليه شوقي ضيف قائلاً: «أن الشاعر لا يجسم الصورة في وضع معين، بل هو يحرکها في أوضاع مختلفة تسعفه في ذلک لحظات الزمن المتتابعة التي يصوّر فيها صورته، و هي صورة تنبض بالحياة و العواطف البشرية». (ضيف، بلاتا، ص94).

هذا التصوير الشعري يولّدُ عند المتلقي المتعة و «يقوم علی إثاره الإنفعال، و استمالة المتلقي بکيفية خاصة في صياغة الأفکار و المعاني، و تقديمها بطريقه حسيه، تقترب –إلی حد کبير- من مفهوم التجسيم، بشکل يجعل الشعر قريناً للرسم مشابهاً له في الصياغة و التشکيل، و مختلفاً عنه في الماده و التعامل» (علي کندي، 2003، ص19) هذا ما إنتبه إليه وسيونيدس الکيوسي قائلاً: «إن الشعر صورة ناطقة أو رسم ناطق أو التصوير شعر صامت» (حبيب، 1999، ص106) و تضيف بروين حبيب تعريفاً آخراً نقلاً عن عذرا باوند قائلة: «إذا کان أبسط تعريف للصورة الشعرية هو« أنها تمثيل مرسوم» إلا أن عذرابوند esra poundيقدم تعريفاً آخراً للصورة بأنها تلک التي تقدم عقدة فکرية و عاطفية في برهة من الزمن، و هي توحيد لأفکار متفاوتة، و لا شک أن الصورة مرتبطة بالخيال في تکوينها، و هذا ما فطن إليه الوعي النقدي العربي منذ القدم، و إن کانت دلالة الکلمة في التراث العربي القديم لا تشير إلی الهيئة و الظل، کما تشير إلی الطيف أو الصورة التي تمثل لنا في النوم أو أحلام إليقظة أو في لحظات التأمل و هذه الدلالات التي يستخدمها التراث ليست هي ما تشير إليه الکلمة في المصطلح النقدي المعاصر» (المصدر نفسه،ص106)

شغلت الصورة أو الإيماج (image) مساحة واسعة في شعر نزارقباني. فهي تتکوّن من الإنحرافات التعبيرية أو التشخيص في النقد المعاصر أو تتکون من فن البيان في البلاغة الکلاسيکية.

اولاً: الإنحرافات التعبيرية

تکوّنت الإنحرافات التعبيرية من عنصر الدهشة و الخروج عن المألوف. من هذا المنطلق يقول جمال النصاري: «يحاول الشاعر من خلال الدهشة التحليق بالقارئ في فضاءات مجهولة و تحويل المجهول إلی معلوم جمالي» (النصاري، 1391، ص20)

أخذت القصيدة القبانية إنحرافات تعبيرية مهمة و بدأت تثور علی السياق العقلي و تسيرُ في منطقة التصوير الشعري معبرة عن الحالة القدسية التي تأخذها القصيده من شکل الصلاة و جسد الحبيبة يعانق الطبيعة. عندئذٍ تتکاثر المعجزات في جسد المرأة. نقرأ له في قصيدة «مائيات» الآتي:

و يبدأ عصرٌ من الشعر

تأخذ القصيدة شکل الصلاة

و تطلع منک بساتين نخلٍ

و تطلعُ من سرتک المعجزات!! (قباني،2002،ج9،ص26)

أخذ نزارقباني يغيّر التراث الديني و يصنعه حسب مفاهيم جسد المرأة هذا ما تحبه سيدة السيدات.

فبدلاً من أن يقول «أنا قاب قوسين منک» قال: «أنا قاب نهدين منک».

أنا قاب نهدين منک

فأهلاً بياقوته العمر.(المصدر نفسه، ص31)

شَکلَ فعل «يسقط» الإنحراف التعبيري في قصيدة «التفاحة» و من خلال تغيير مضمون الفعل و المقارنة بين تفاحه نيوتن و نهدي المرأة أدخل المتعه إلی شعور القارئ و بيّن الفرق الشاسع بين الحالتين:

الفرقُ بين تفاحة نيوتن

و بين نهديک

أن التفاحة تسقط إلی الأسفل

ونهديک يسقطان… إلی الأعلی(قباني، 1998،ج5، ص93)

يدخل نزارقباني ملعب الحب و هو الأندلسي الأخير الذي يخرج مضرجاً بالکحل و الأساور بدلاً من الدمِ:

أدخل الملعَب

وأنا أعرف أنني لن أخرج منه

إلا مضرجاً

بالکحل

و الأساور.(قباني،2002، ج9، ص196)

لا يعترف الشاعر بالعمر الطبيعي و يراه روتيناً و لا يشکل لحظة معرفية بل يؤمن ايماناً تاماً بالعمر الأدبي من هذه الرؤيه إنطلق الإنحراف التعبيري في قصيدة «إستجواب». فهو في حواره مع ضابط الحدود يشيرُ إلی عمره الأدبي بفخر و اعتزاز و يراه مليئاً بالحرية و العنفوان:

سألني ضابط الحدود

کم عمرک؟

قلت: خمسٌ و ستون قصيدة

قال: يا الله… کم أنت طاعنٌ في السن

قلت: تقصدُ… کم أنا طاعنٌ في الحرية(قباني، 1998،ج5، ص285)

يری نزارقباني أن لسيرته الذاتية لا توجد حدود و لا ضفاف و الحبيبة تريد منه مفاتيح حزنه. و الحزن لديه کحزن البلابل. فهو مشبه بريٌ يعبّر عن مشبه به أکثر براءة. لذا نتيجه الحوار بين المشبه و المشبه به يکوّن الإنحراف التعبيري للحزن الأبيض في خضمّ التجربة المأساوية:

لماذا تريدين مني

مفاتيح حزني؟

و حزني، کحزن البلابلِ

حزن سعيد

أنا هکذا… منذ خمسين عاماً

فلا لجنوني ضفافٌ

ولا لإکتئابي حدودٌ. (المصدر نفسه، ص19)

عاش نزار قباني حاله من التناقص لاتستحق الوقوف لديها طويلاً. لهذا السبب بدأ يکررُ الإنحراف التعبيري معبراً عن الجمود و العبثية. فيأخذ الماء، رمز النضارة، صورة الخشب:

تجيئين… أو لا تجيئين

إنَّ القضية لا تستحقُ الوقوف لديها طويلاً

و لا تستحق الغضب

لقد أصبح الماءُ مثل الخشب

لقد أصبح الماءُ مثل الخشب(قباني، 1998،ج2، ص248)

أراد أن يحبس المرأة في داخله حتی لاتنتهي عنده الأنوثه بجمالها و روعتها. فأخذ عنده الشکل البصري للصورة يشکلُ انحرافاً تعبيرياً هاماً. حاول من خلاله أن يسجن حبيبته في التاء المربوطة:

علميني طريقهً

أحبکِ بها في التاء المربوطه

وأمنعکِ من الخروج(قباني،1998، ج4، ص 215)

بدأ نزار قباني ينعی کل شئ في العالم العربي. فالشعرُ و ضفائر النساء فقدتا حلاوتهم و انحرفا انحرافاً تعبيرياً ينمو عن مأساة الشاعر و احساسه بالمرارة. نقرأ له في قصيده «هوامش علی دفتر النکسة».

مالحهٌ في فمنا القصائد

مالحهٌ ضفائر النساء

و الليل، و الاستارُ، و المقاعد

مالحهٌ أمامنا الأشياء(قباني، 1983،ج3، ص72)

تری بروين حبيب إن الإنحرافات التعبيرية «تعتمدُ علی فکرة المجاوزة بمعني اللجوء إلی تصور خط محوري يمثل المعدل العادي للإستخدام اللغوي. و تخلق هذه الإنحرافات الدهشة عند المتلقي بانزياحها عن الخط الإفتراضي و تکون ملامح أسلوبية خاصة لشاعر دون آخر مع ما تحدثه من تأثير جمالي. فالشاعر حين يقول:

و في صميمي غيمه

تبکي… و ثلج أسود

نجد مثالاً مبسطاً لظاهره المجاوزة فالقول الشائع. إذا قلت «الثلج أبيض» فأنت تتکلم و أنت في درجه الصفر التعبيرية، لکنه عند ما يقول: «ثلج أسود» فهو يصنع انزياحاً يخدم سوداوية الصورة و يوکد علاقتها الدلإلية لإرتباط السواد بالحزن» (حبيب، 1999، صص 184-185)

التشخيص:

يعطي التشخيص للنص الشعري صورة إنسانية حية. يحاول من خلالها الشاعر أن يضخّ الحياة و الحرکية في عروق هذا الکون. و الشاعر الذي لا يستطيع أن يحرّک الکون هو أخرس.

دَخَلَ التشخيص في القصيدة القبانية بصورة راقية و حديثة معبراً عن ذات الشاعر و عاطفته مصوراً فضاءاً جمالياً ممتعاً. فنراه في مقطوعة «القصيدة تولد من أصابعها» يمجّد ذاته و يعليها بواسطه فعلين أساسين و هما «تراهق» و «تحبلُ» و نسبهما إلی اشياء تفتقدُ إلی الشعور الإنساني في يومٍ لم يکن کل شئ علی مايرام:

ولدتُ…

في الواحد و العشرين من آذار

في ذلک إليوم المزاجي الذي

تراهقُ الأرض به

و تحبلُ الأشجار…(قباني،2002، ج9، ص9)

لجسد المرأة في تجربه نزار قباني لغة خاصة و حرکة جذابة. فهو يصوّر هذا الجسد الرقيق إنساناً بالغاً ليتحاور معه. بما إن هذا الجسد له مفاهيمه و دلالاته و لغته الخاصة؛ بدأ الشاعر يعبّر عن عجزه في التفاهم معه هذا الجسد الذي يمثّل قبيله من النساء و هو رجلٌ واحدٌ. لهذا السبب وقع في إشکإلةه التأويل الجسدي قائلاً:

کيف يمکنني

أن اتفاهمَ مع جسدکِ

و هو لا يعرف إلا لغته؟(المصدرنفسه، ص73)

صادقَ الشاعر الغربهَ و اشترکا معاً في مفهوم الحياة و نظامها الحرکي. فبدأت الغربة تأخذ صورة إنسانية من خلال فن التشخيص. معبرة عن جزئيات الحياة إليومية مستعملاً ثمانية أفعال مضارعة الصورة. نقرأ له في قصيدة «صباح الخير أيها المنفی»

قد أصبح المنفی صديقي الغاليا

يأتي إلی المقهی معي

يقرأ جرايده معي

و يعدُ وجبات الطعام معي

و يقيس بدلاتي… و قمصاني

و يلبس نصف أحذيتي معي

يحبُ آلاف النساء معي

و يملُّ من کل النساء معي

و ينام ملء جفونه(المصدر نفسه، ص261)

الطبيعة أيضاً تأخذ طابعاً حرکياً و حيوياً في شعر نزار قباني و هي کالإنسان تکتبُ و تقرأ مفاهيم الکون و الحياة. و تظهر المعرفة من خلال فن التشخيص متجسدة بسنابل القمح و الورد. يقول نزار قباني في قصيدته «لماذا أکتبُ»:

أکتبُ

کي تقرأني سنابل القمح

و کي تقرأني الأشجار

أکتبُ

کي تفهمني الوردهُ، و النجمه، و العصفورُ

و القطهُ، و الأسماکُ، و الأصدافُ، و المحار(قباني، 1999،ج6، ص 16)

تَشارَکَ الشاعر مع الحرية مفاهيم الحياة. فجسّدها في قاموسه کمرأة جميلة و تزوّج منها. مع إنه کان له تاريخٌ حافلٌ لکنه إنتمی إلی التاريخ الوجودي /الجوهري و هو عالم الحرية. يقول في قصيده «تزوجتکِ… ايتها الحريه»

کان هنالک… ألف امرأهٍ في تاريخي

إلاّ أنّي لم أتزوج بين نساء العالمِ

إلاّ الحريه…(المصدرنفسه، ص152)

المرأة تدخلُ في مساحات القصيدة کالراقصة الإسبانية التي تدخلُ في شرايين الليل. من هذا المنطلق أعطی نزارقباني لليل حالة إنسانية و نبضٌ و شريان. فضلاً عن ذلک، فهذه المرأة تطعن الورق الأبيض في خاصرته. نقرأ له في قصيدة «الصفحة الأولی».

تفتحين مسامات القصيده

و تدخلين فيها

کما تفتح الراقصه الإسبانيه

شريان الليل

و تدخل فيه

تطعنين الورقَ الأبيض في خاصرته

ينزف الورق حماماً أبيض(قباني،1998، ج5، ص190)

بما إن الورق أخذ شکل الإنسان لکنه لم ينزف دماً ففي انحراف تعبيري بدأ ينزف حماماً أبيضا. الورق و الحبر هما کيان القصيدة و القصيدة من تحکمُ في عالم الشعر و لا أحد من الشعراء يستطيع أن يضعها في محکمة التفتيش و يسألها أين کانت؟ و مع من کانت؟ بل هي التي تطرح الأسئلة. لأنها هي صاحبة الشعور الممتاز. يقول نزار قباني في قصيدة «محاکم التفتيش».

لا يستطيع أحدٌ ان يستجوب قصيدة

و يسألها: أين کانت؟

و مع من کانت؟

و في أي ساعه رجعت إلی البيت

القصيدةُ، هي التي تطرح أسئلتها

و تستجوب مستجوبيها(المصدر نفسه، ص289)

ينحاز نزارقباني إلی الإنسان الإسکندراني و مآذن سيدنا الحسين في عالم تتنوّع إيقاعاته الموسيقية. ففي عالم الموسيقی يأخذ المطر صورة إنسانٍ يعزف سوناتات بيتهوفن و جراحات سيد درويش. نقرأ له في قصيدة «موسيقی»:

أمطار أوروبا

تعزف سوناتات بيتهوفن

و أمطار الوطن

تعزف جراحات سيد درويش(قباني،1998، ج4، ص340)

لم يمتلک الزمن العربي و تاريخه موهبة خاصة يعيشُ عليها إلاّ آبار النفط. فتزوج العالم العربي مع حبيبتة النفط و تصالح أخيراً مع الحظّ. من خلال هذه الرؤية الساخره أراد أن ينتقد العالم العربي الذي يعتمد علی شخصية النفط في کل احواله. نقرأ له في قصيده «إلی صاحبة السموّ… حبيبتي سابقاً»:

… و تزَّوجتِ أخيراً…

بئر نفطٍ…

و تصالحتِ مع الحظّ أخيراً(قباني، 1998،ج2،ص126)

التشبيه:

للتشبيه في کتب البلاغة تعاريف متعددة. يقول التفتازاني «مشارکة أمرٍ لآخر في معني» (عرفان، 1389،ج3، ص44) هذا التعريف يحتاج إلی شئ من التأمل لأن في أکثر الأحيان لا يوجد في المشارکة شئ من المشابهة ولکن في المشابهة يوجد تطابق تام مع المشارکة. هذا الخطأ أيضاً وقع فيه جلال الدين القزويني في کتابه «الإيضاح». هو يقول: «التشبيه هو الدلاله علی مشارکة أمر لآخر في معني. و المراد بالتشبيه ههنا لم يکن علی وجه الإستعارة التحقيقية، و لا استعارة بالکناية، و لا التجريد». (القزويني،2000، ص189). أما أحمد الهاشمي حاول أن يصحح هذا التعريف. هو يقول: «التشبيه لغة التمثيل. يقال: هذا مشبهُ هذا و مثيله و التشبيه إصطلاحاً عقد مماثلة بين أمرين أو أکثر قُصد اشتراکها في صفة أو اکثر بأداة لغرضٍ يقصده المتکلّم» (الهاشمي،1384، ج2، ص12)

من النقاد المعاصرين الذين حاولوا أن يقارنوا بين هوية التشبيه في الماضي و الحاضر هي بروين حبيب. أکدت بروين حبيب علی العمق الدلالي و الجمالي للتشبيه قائلة: «التشبيه هو ما يجمع بين أمرين لعلاقة المشابة بينهما إنه يوّحد بين الأشياء لا يمحو تعددية الوجود. فالتشبيه أهو صورة مجازية أم صورة حقيقية؟ فالقدماء يرون التشبيه حقيقة، ولکن البلاغيين المتأخرين يرون أنه مجاز لأنه قد يتجاوز المستوی السطحي إلی مستوی عميق دلالياً، و التشبيه لاتصح فيه الموافقة الکاملة و لا المخالفة الکاملة، ولکنه أن يتحرک المبدع في الوسيطة بين المشبه و المشبه به». (حبيب، 1999،ص107) هذا ما أشار إليه الناقد الفارسي سيروس شميسا قائلاً: «إن وجه الشبه في طرفي التشبيه من المفترض أن يقنع القارئ» (شميسا،1374،ص33)

بعد هذه المقدمة الوجيزة حول کيفية التشبيه سنتناول نماذج من التشبية النزاري.

وصف نزار قباني المرأة التي خُدع بها وصفاً حزيناً و هي تتجمل لغيره. هذا ما أثر به کثيراً و في ثلاثه مواقع بدأ يشبه الأشياء بحزن أيامه الکئيبة. نقرأ له في قصيده «طوق إلياسمين»

تتسرَّحين

و تنقطين العطرَ من قاروره و تدمدمين

لحناً فرنسي الرنين

لحناً کأيامي حزين(قباني،1998،ج1، ص323)

بعد وفاة «بلقيس» أحس نزارقباني بوجع المکان و ما يحمله هذا المکان من ذکريات جميلة. لذا بدأ يشبه حبيبته بالعصفور و البيلسان و النخلة و السيف إليماني. کلّ هذه التشبيهات هي صوّر محسوسة و مرئية تعبّر عن رؤيه جمالية:

بلقيسُ… يا بلقيسُ

لو تدرينَ ما وجع المکان

في کلّ رکنٍ … أنت حائمة کعصفور

و عابقة کغابة بيلسانِ

هناک کنتِ کنخلة تتمشطين

و تدخلين علی الضيوف

کأنک السيف اليماني(قباني،1998،ج4، صص44-45)

يريد الشاعر من المرأة أن لا تمانعه في رحلته مع جسدها. فبدأ يشبه نفسه بالبرق الذي يضرب شبابيک نهديها و الديک الذي ينزف علی ساعديها و البحر الذي يمشي فوق رمالها. هذه التشبيهات تدلُ علی الحرارة الجسدية و المتعة الإيروسية. نقرأ له في قصيدة «من يوميات رجلٍ مجنون»

إذا ما ضربت شبابيک نهديک

کالبرق، ذات مساءٍ

فلا تطفئيني

إذا ما نزفتُ کديکٍ جريحٍ علی ساعديک

فلا تسعفيني

إذا ما تدفقتُ کالبحر فوق رمالک

لا توقظيني(المصدرنفسه، صص136-137)

لا يحبّذ الشاعر المرأة التي تمتلکُ الرجل علی طريقة المخبرين. فأراد منها أن تبتعد عنه و شبهها بالسجّان الذي يقف علی رأس السجين:

لا تظلّي هکذا… واقفة

فوق رأسي

مثل سجانٍ علی رأس سجين(قباني،1998،ج5، ص85)

يعبّر نزارقباني عن حبّه العصري و الحقيقي و يری بأن الدفاع عن الحب هو الدفاع عن الذات. فأراد منها أن تضعَ يدها بيده کنجمتين منوّرتين:

أنا هاربٌ من عصر تکفين النساء

و عصر تقطيع النهود

فضعي يديکِ، کنجمتين علی يدي

فأنا أحبک… کي أدافع عن وجودي(قباني،1998، ج2، ص15)

اقتبس نزارقباني شخصيته صوفي صادق يکوّن إمراة حقيقية في تجربته الشعرية. هذا الصوفي العصري الذي يری في جسد المرأة جمالاً و روعة و بدأ يشبه قامتها کالسيف و عيناها کالسماء الصيفي. يقول نزارقباني في قصيدة «تهويمات صوفية لتکوين امرأة»:

لو لم تکوني أنت في حياتي

کنت اخترعتُ امراهً مثلکِ يا حبيبتي قامتها طويلة کالسيف

و عينها صافية

مثل سماء الصيف(المصدرنفسه، ص66)

تری بروين حبيب بأنَّ نزارقباني «انتزع تشبيهاته من بيئته المحيطة و بذلک جدد في مستوی التشبيه و أضاف إليه دلالات ربّما تفرد بها وحده عندما يقول:

هاجري کالسمک الأحمر من عيني إلی عيني

فالعلاقة بينهما و بين السمک الأحمر لا تکتمل لمفردها و لا توحي بدلالتها الموجودة إلا بإکتمال الجملة «من عيني» هنا تکون المشابهة الحقّة بين هجرة السمک الأحمر في البحر و بين رغبته في أن تهاجر في عينه و يکون وجه الشبه هو قطع المسافات البعيدة و التعمق داخلاً في أقصی العمق.

قومي من تحت الردم کزهره لوز في نيسان

فالتشبيه هنا قائم بين حالة و حالة، حالة قيام لبنان من تحت الأنقاض و حالة قيام الزهرة و نبتها من تحت التراب و وجه الشبه بينهما متعدد فهو أولاً: الجمال، و هو ثانياً الرقة، و هو ثالثاً القيام الطبيعي (الإنبات)». (حبيب،1999، صص176-177)

دافع شوقي بزيع عن التشبيه النزاري و قال: «لقد دفع نزارقباني بالتشبيه بوجه خاص نحو مناطق جديدة (دلالات) لم يکن ليعرفها من قبل، حيث کان التشبيه يقف وفق أهل البيان المدرسي في أدنی السلم الجمالي. و ربمّا کان نزارقباني و محمد الماغوط الشاعرين الأکثر براعه في استخدام التشبيه و إعاده الاعتبار إليه من بين الشعراء العرب المحدثين.

و استحضر بزيع ايضاً تشبيه نزار الآتي:

هذه فاطمة

تقتحم التاريخَ من کلّ الجهات

إنها تدخلُ کالإبرة

في کل تفاصيل حياتي

آه… کم تعجبني فاطمة

عندما تجلسُ کالقطة بين المفردات

تأکل الفتحةَ… و الضمةَ… في شعري

و تبتلُ بأمطار دواتي(أحمد محمد العرود،بلاتا، صص205-206)

الإستعارة:

الإستعارة من الأرکان المهمة في فن البيان الکلاسيکي. و لها صدي واضحاً في علم البلاغة. يقول التفتازاني «الإستعارة و هي مجاز تکون علاقته المشابهة» (عرفان،1389،ج3، ص269) الإستعارة هي تشبيه مضغوط يعبّر عنه جلال الدين القزويني «بالضرب الثاني من المجاز. و هي ما کانت علاقته تشبيه معناه بما وضع له » (القزويني، 2000،ص241) و يضيف أحمد الهاشمي بأن الإستعارة «اصطلاحاً هي استعمالُ اللفظ في غيرما وضع له لعلاقة المشابهة بين المعنی المنقول عنه و المعنی المستعمل فيه مع قرينة صارفة عن إراده المعنی الأصلی» (الهاشمي،1384، ج2، ص139)

تقوم الإستعارة علی حذف رکنٍ من رکني التشبيه فإذا حُذف المشبه به و بقي المشبه کانت الإستعارة مکنيهٌ و إذا حُذف المشبه و بقي المشبه به کانت الإستعاره مصرحة. «هکذا فإن الإستعاره تقوم علی الإلتمام بين طرفيها حتی تمحو الحدود و توحد الموجودات، و عليه فهي تطوريةأکثر إنها توحّد بين الحديث توحيداً تاماً بحيث يصبح في مقدور أحدهما أن ينوب عن الآخر» (حبيب، 1999،ص109)

أخذت الإستعاره حيزاً مهماً في الشعر المعاصر فعبّر عنها مالارميه بهذه الطريقه: «أنا حذفت اداة التشبيه من قاموس اللغة و المقصود الإتجاه من التشبيه إلی الإستعارة». (شميسا،1374، ص58) «تأخذ الإستعارة دلالة و مسمی الصورة عند بعض النقاد خاصة من الأسلوبيين المحدثين فهم يرون الصورة= الإستعارة.

و يلح الجرجاني علی تأکيد الإستعارة بإعتبارها عمدة التصوير و التشکيل للمعنی فهو في کل أقواله عن التصوير الشعري کان يستحضر الإستعارة دائماً مع أنه قد يغفل التشبيه أو الکنايظ أو التمثيل أو الإيجاز، و کان في الکثيريخصها بالتقدير و التشريف، و هذا إن دلّ علی شئ فإنما علی المکانة المرموقة التي تتمتع بها الإستعارة في هذا الصرح الذي أقامه عبدالقاهر. و هکذا تستحوذ الإستعارة علی کتاب الجرجاني أسرار البلاغة حيث يعتبرها الأداة الأساسية التي تتصلُ المعنی من لحظة المادة العقلية إلی لحظة المادة الصورة، و بهذا تکون الإستعارة عنده بمثابة الأداة الفعالة التي تحول المعاني النثرية إلی معان شعرية، و إن کانت الإستعارة لا تقوم وحدها بهذا الدور ولکن دورها- يضلُّ هو الدور الذي  لا يقارن بأي أداة أخری» (حبيب،1999،ص109)

لتسليط الضوء علی أهمية الإستعارة في شعر نزار قباني سنأتي بالنماذج التالية من الإستعارة المکنية:

جزائرُ الکُحل في عينيک مدهشة

ماذا سأفعلُ لو ناداني السفرُ ؟؟(قباني،1998،ج4،ص110)

عندما أراد أن يصف جمال حبيبته إستقر به الخيال في عينيها. فحذف المشبه به البحر و أتي بلوازمه و هي الجزر و أبقی المشبه و هو الکحل مستعملاً الإستعارة المکنية. أو في قصيدة «خربشات طفولية» يقول:

و أي نهدٍ خائفٍ

يقدر أن يطير أو يحطَّ… في الوقت الذي يشاء(قباني، 1998،ج2،ص32)

في العاصمة التي تحکُمها النساء يستطيع النهد أن يفعل أي شئ. فهو يطير و يحط کالحمامة. فالمشبه النهد و المشبه به المحذوف الحمامة و نوع الإستعارة المستعملة هي الإستعارة المکنية. نقرأ في قصيده «إيضاح إلی من يهمّها الأمر»:

إن تذهبي…

لن تسقط الدنيا، و لن تنسدَّ أبواب السماء(المصدرنفسه،ص119)

مات الشاعر المراهق في ذات نزارقباني. فلاتستطيع المرأة إغواءه و عند رحيلها لن تسقط الدنيا و لن تنسدَّ أبواب السماء. فالمشبه السماء و المشبه به المحذوف المکان و أتی نزار بلوازم المشبه به و هي الأبواب و نوع الإستعارة المستعملة هي الإستعارة المکنية. نقتبس ايضاً من قصيدة «عنواني»:

ليس لي إقامة دائمة

في أي مکان

إن إقامتي الدائمة

هي علی ورقة الکتابة(قباني،1998،ج5،ص277)

لا يقيم الشاعر إقامه جمالية في أي مکان إلا علی الورقة. فالمشبه ورقة الکتابة و المشبه به المحذوف هو المکان و الإقامة من لوازمات المشبه به و نوع الإستعارة المستعملة هي الإستعارة المکنية.يضيف في قصيدة «من يوميات رائد فضاء…»

إذا ما وقفتُ علی قمة النهد

أشعر أن يدي

ستلامس سقف السماء(المصدرنفسه،ص501)

يري یزار قباني إن النهدَ جبلٌ يقربه إلی الله. فحذف المشبه به الجبل و أبقي المشبه النهدَ و أتي بالـ «قمة» کقرينة صارفظ تدل علی المشبه به مستعملاً الإستعارة المکنية.

هکذا ايضاً تتعدد الإستعارة المصرحظ. فيقول نزار قباني في قصيدة «أجساد».

المرأه تکتفي بعصفورٍ واحد

و الرجل مقاول نساء(المصدر نفسه، ص100)

في هذه القصيدة أجری نزارقباني مقارنة بين شاعرية و أنوثة المرأة مع قساوة الرجل. فحذف المشبه الرجل و أبقی المشبه به العصفور مستعملاً الإستعارة المصرحة. أو في قصيدة «تنويعات موسيقية عن امرأة متجردة» يقول:

کان في صدرک ديکانِ جميلانِ

يصيحان کثيراً

و ينامانِ قليلاً(قباني،1998،ج2، ص87)

بدأ يری نفسه أمام نهدان قليلا النوم و کثيرا الصياح. فحذف المشبه النهدان و أبقی المشبه به و هما الديکان الجميلان و أتی بـال«صدر» کقرينة صارفة تدل علی المشبه. بهذه الحالة تکون الإستعارة مصرحة. و يضيف ايضاً في هذه القصيدة إستعارة مصرحة أخری.

کان في صدرک حقلان من القطن(المصدرنفسه، ص89)

أجری نزارفي قصيدة «الشمس» مقارنة بين الشاعر و الديک و إحساسهما بالعظمة و النرجسية. فيقول:

الشاعر و الديک

مصابان بجنون العظمه

فهما مقتنعان

أن شمس الصباح

تطلع من حنجرتيهما(قباني،1998،ج5، ص283)

شبه نزارقباني الحرية بالشمس فحذف الحرية وأبقی الشمس مستعملاً الإستعارة المصرحة. تأتي هذه الحرية من حنجرة الشاعر و تنشرُ قصائده، الديمقراطية و الجمال في العالم.

بعد هذه الرحله الرباعية أبرز ما نراه في التصوير الشعري عندنزارقباني هو التکوين الجمالي و الابداع الحرکي في کسر الحواجز التقليدية «يری العشماوي أن أبرز صفات صوره أنها دائماً تدهشک لجدتها و طرافتها، و أنها لا تتکرر و لا تقلد. و أنه شاعر مصور بالدرجة الأولی، يعتمد علی الصورة في الإيحاء و بث الإحساس و نشره علی طول عمله الفني بشکل مثير و جديد حقاً، و ميزة الصورة عنده أنها خلية نامية من الإحساس تضفي علی بنائه الفني روحاً متميزاً، و تحقق فيه کياناً عضوياً موحداً» (أحمد محمد العرود،بلاتا، ص204) حنا الفاخوري ايضاً يشيرُ إلی هذه الميزة و يقول:«يروعک في شعر نزارقباني التصوير الخيالي الأنيق الذي يبدع من الصور أوسعها و أبرعها. و قد تجتمع عنده الواقعية و الرمزية و الوجودية بطريقة عجيبة، أخّاذة، قلّما تجد قلماً فيه من السحر ما في قلم هذا الشاعر، و فيه من الخمرة المسکرة ما في قلمه، و من هنا سرُّ قوه التأثير عنده، و من هنا خطر علی النفوس المراهقة الضعيفة» (الفاخوري، 1385،ج2، ص696)

النتائج:

شکَّل التصوير الشعري عند نزارقباني تکويناً جمإلياً حديثاً حاول من خلاله الشاعر أن يضفي جواً من المتعه و المفاجاة لدی القارئ. لهذا السبب عند مراجعتنا لمجموعاته الشعريه و تحليلها توصلنا إلی النتائج التالية:

اولاً: تشکل الإنحرافات التعبيرية عنصراً مفاجئاً و مدهشاً لدي القارئ و حاول نزارقباني أن يغيّر المجهول إلی معلوم جمالي من خلال الإنحرافات التعبيرية.

ثانياً: يعتمد الشعر علی الحرکة و الحياة. و التشخيص هو نظامٌ حيوي يأخذ طابعاً انسانياً. لهذا السبب نری شعر نزارقباني –في أکثر الأحيان- يأخذ صفة الإنسان و تدب فيه الحياة.

ثالثاً: التشبيه هو مشابهة امرٍ لآخر في المعنی و ليست مشارکه إمر لآخر

رابعاً أدخل نزارقباني التشبيه بشکل حداثي في جزئيات حياته إليومية.

خامساً: يري مالارميه إن التصوير الشعري المعاصر هو الإستعاره و لا مناص منه. من هذا المنطلق استعمل نزارقباني استعارات حديثه تعبّر عن تجربته العاطفية و الذاتية.

سادساً: ليست کل استعارة مکنية تستطيع أن تکون تشخيصاً لکن کل تشخيص يستطيع أن يکون استعارة مکنية.

سابعاً: يعتمد التصوير الشعري عند نزارقباني علی المحسوسات فنری جسد المرأة يشغل مساحات واسعة في إبداعاته.

بقلم : د. جمال النصاري، نقلا عن موقع adabalahwaz.ir

———————————————————————-

 المصادر:

1. أحمد العرود، علی: جدلية نزارقباني في النقد العربي الحديث، دارالکتاب الثقافي، إربد، بلاتا

2. التفتازاني، مسعود بن عمر: کرانه ها شرح فارسي کتاب مختصر المعاني، ترجمة حسن عرفان،ج5، انتشارات هجرت، قم، 1389.

 3. حبيب، بروين: تقنيات التعبير في شعرنزارقباني، الموسسه العربية للدراسات و النشر، بيروت، 1999.

 4. شميسا، سيروس: معاني و بيان، انتشارات فردوس، تهران، 1374.

 5. ضيف، شوقي: النقدالأدبي، دارالمعارف،القاهرة، بلاتا.

6. علی کندي، محمد: الرمز و القناع في الشعر العربي الحديث ، دارالکتاب الجديد، بيروت،2003.

 7. الفاخوري، حنا: تاريخ الأدب العربي(الأدب الحديث)،ط3، ج2، منشورات ذوي القربي، قم، 1385.

 8. قباني، نزار: الأعمال الشعرية الکاملة، ط14، ج1، منشورات نزارقباني، بيروت،1998.

 9.، ط8،ج2، منشورات نزارقباني، بيروت، 1998.

10. ، ط2، ج4، منشورات نزارقباني، بيروت، 1998.

11. ، ط2، ج5، منشورات نزارقباني، بيروت، 1998.

12.  ، ط1، ج9، منشورات نزارقباني، بيروت، 2002.

 13. الإعمال السياسية الکاملة، ط3، ج3، منشورات نزارقباني، بيروت، 1983.

 14. ، ط2، ج6، منشورات نزارقباني، بيروت، 1999.

 15. القزويني، جمال الدين: الإيضاح في علوم البلاغة، دارو مکتبة الهلال، بيروت، 2000.

 16. النصاري، جمال: الشعر سلاحٌ للبقاء، دارهرمنويطيقا للنشر و التوزيع، آبادان، 1391.

 17. الهاشمي، احمد: جواهر البلاغة، ترجمة حسن عرفان، چ5، نشر بلاغت، قم، 1384.

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى