انت هنا : الرئيسية » سياسة » الشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة

الشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة

POTD-mandela_2617707b

بعد ما تبنى الكفاح المسلح ومن ثم الانخراط في النضال السلمي مرورا بالسجن والاضطهاد الذي قل نظيره، مضى الزعيم في طريقه لخلاص شعبه من التمييز العنصري. في الطريق الذي سلكه الزعيم مانديلا يبدو ان النضال السلمي بات أكثر تعقيدا من الكفاح المسلح كما يقول؛ ” إن الانسان الحر كلما صعد جبلا عظيماً وجد امامه جبالا أخرى يصعدها”.

 يبدو ان الزعيم يصف مرحلة النضال السلمي معقدة للغاية والاستمرار بالنضال دون وقفة أهم بكثير من النضال غير المتواصل وحين محاكمته يتحدى الظام العنصري المتغطرس وينادي بأعلى صوت؛ “إذا خرجت من السجن في نفس الظروف التي اعتقلت فيها فإنني سأقوم بنفس الممارسات التي سجنت من أجلها”.

لم يضيق الطريق امام نفسه في مسيرته النضالية ولم ينتحر الزعيم حين انتقل من مرحلة الكفاح المسلح الى النضال السلمي وكذلك في طريق الانتقال من مرحلة الى اخرى حيث يحذر من الانتحار(السياسي) بقوله المعروف؛ “إننا نقتل أنفسنا عندما نُضَيّق خياراتنا في الحياة”.

مانديلا لم يرتضي يوما ولا يساوم يوما ما على حساب شعبه ووطنه ولم يرتضي بتنازلات قدمتها سلطة الابارتايد أمامه بصفته الشخصية حيث ينادي شعبه واليوم ينادي المجتمع الانساني وعلى وجه الخصوص من يريد ان يسلك طريقي التحرر والتحرير ويوصي بإستمرار النضال لانتزاع كافة الحقوق المسلوبة حين يقول؛ ” الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرّاً أو لا يكون حرّاً”.

مضى مانديلا بمسيرته النضالية المليئة بالاحداث ولم يركع حتى بعد ان منعت سلطات الابارتايد وصول الرسائل العائلية اليه ومارست شتى انواع التعذيب الجسدي والنفسي بحق وهو يتنقل على يد البيض الوافدين المتحكمين بشؤون بلاده من سجن الى أخر حيث مكث مانديلا 27 عاما في السجن، أولا في جزيرة روبن آيلاند، ثم في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر ويقول؛ “العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها”.

 انتصر مانديلا عبر تبنيه الطريقة التسامحية وبعد ما اجتاح شعب جنوب افريقيا نظام الفصل العنصري بقيادته حيث عمل الزعيم مانديلا على تفكيك إرث النظام العنصري عبر التصدي للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية.

 قاد بلاده في مرحلة حرجة للغاية وسامح الجلاد دون نسيان الماضي حسب مقولته الشهيرة “التسامح لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل”.

يبقى المحامي نيلسون مانديلا في ذاكرة التاريخ كرجل ومناضل وسياسي وحقوقي يقتدى به وتهبط الهامات احتراما له وتنكس اليوم الدول اعلامها ويعلن العالم حدادا برحيل جسده ولكن يبقى مانديلا بمثابة فكر وطريق وثقافة سياسية حيث ترك وراءه أعظم ارث للمجتمع الانساني قد يتلخص هذا الارث بتبني النضال في طريق التحرر الذاتي من قيود العبودية والتحرير من العنصرية بشتى انواعها يصحبها اللاعنف والتسامح والوئام ونرى أن ما تركه الزعيم مانديلا من ارث بشري هائل اصبح اليوم ملك للبشرية جمعاء.

مانديلا مات مرة واحدة فقط الى وهي وفاته التي تم الاعلان عنها في عشية الخميس الـ 6 من ديسمبر 2013 عن عمر ناهز الـ 95 عام ونتذكر قوله”الجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم، والشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة”.

 بقلم: نوري حمزة

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى