انت هنا : الرئيسية » اخبار » بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم

بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم

لغة الأم مفتاح سجن الشعوب

لا شك أن الانقطاع الحضاري الذي وقع على الشعب الأحوازي طيلة العشرة عقود الماضية كان معظمه بسبب السياسات العدوانية للأنظمة الإيرانية المتعاقبة، وطبعا لحرمان التعلم باللغة الأم وتغييب التاريخ والتعتيم عليه وحظر الطباعة دورا بارزا في هذا الانقطاع.

هناك مقولة شهيرة تقول إذا أردت تقضي على شعب أقضي على لغته أولا، وكما قال مفكر القومية العربية ساطع الحصري أن اللغة والتاريخ هما المقومان الأساسيان لهوية الشعب والشعب الذي يغيب عنه تاريخه يعيش حالة السبات فبالإمكان أن نقوم باستيقاظه وأما الذي ينقطع عن لغته ولا يستخدمها يكون أشبه بالأموات.

فإن أحد أدوار اللغة هو نقل ثقافة الشعب، والثقافة بدورها تعتبر حاملة لقيم الشعوب التي تشكل هوية للذات الاجتماعية وأساس وجدانها. وعندما يقوم العدو حسب سياسات وخطط منهجية لاقصاء أو تدمير اللغة الأم التي ساهمت في تنشئتنا، في الحقيقة يقوم بتدمير جانب مهم من هويتنا. وبذلك يحاول تحقيق هيمنة ثقافية وفكرية وحضارية على شعبنا. لأن اللغة تؤثر حتى في الطرق التي ينظر بها الناس إلى ذواتهم والآخرين وتتأثر عقلية المواطن من خلال اللغة التي يتعلم من خلالها.

وجدير بالذكر أن هناك دراسات وأبحاث عديدة في مجالات مختلفة كعلم النفس والتربية وعلماء اللغة كلها تؤكد على ضرورة الاهتمام والتعليم باللغة الأم. حيث يؤكد هؤلاء على دور اللغة الأم في تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات والنمو المعرفي والتقدم الدراسي والصحة النفسية بشكل عام.

وفي العقود الأخيرة بسبب تنامي الوعي الوطني الأحوازي باتت فكرة العودة إلى الذات وتصحيح المسار والإعتزاز بالهوية ورفض المظاهر الثقافية المفروضة من قبل العدو، أكثر إلحاحا وأصبحت تستقوي عاما بعد عام. فرغم كل سياسات التفريس التي انتهجتها الانظمة الإيرانية المتعاقبة وشدة قمعهم لمطالبات التعليم باللغة الأم ومنعهم طباعة الكتب والجرائد بالعربية إلا أن الأحواز شهدت في العقد الأخير إصرارا ملحوظا حول الإعتزاز باللغة الأم وقد نرى ذلك من خلال إتقان استخدام اللغة المحكية في الشارع دون خلط مصطلحات دخيلة في المحادثات اليومية، والإلتزام باللغة أصبح قيمة مجتمعية ولا سيما عند الشخصيات الموجهة فمن لم يلتزم بلغته الصحيحة يعرض نفسه للملامة وينظر إليه نظرة ازدراء، فضلا عن اقامة الاحتفالات والحملات الاعلامية بالمناسبات العالمية مثل اليوم العالمي للغة العربية في 18 من ديسمبر واليوم العالمي للغة الأم في 21 من فبراير من كل عام، بالإضافة إلى طباعة بعض الكتاب العربية فبرغم شحتها وفقر محتواها لكنها تنبئ بتطلعات الشعب نحو تحقيق بعض مطالبه البدائية ونعتبر هذة الخطوات فاتحة خير وإن حصل تراكما في هذا المجال بالتأكيد سيكون في المستقبل غزارة في الإنتاج الثقافي والأدبي وهذه الخطوات تؤثر في ترسيخ العمق الثقافي والهوياتي للشعب.

ريسان عبدالله

 

 

 

 

 

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى