انت هنا : الرئيسية » اخبار » التعليم باللغة الأم …مادة قانونية أم تهديد للأمن القومي

التعليم باللغة الأم …مادة قانونية أم تهديد للأمن القومي

في تصريح لنائب رئيس لجنة التعليم في البرلمان الإيراني، أحمد نادري، قال فيه:” تطبيق المادة 15 من الدستور يتعارض مع الأمن القومي، كما أضاف بأن يؤدي تعليم اللغات المحلية في المدارس إلى نشوء النزاعات المحلية وخلل بالأمن القومي وبسلامة التعليم”. وأضاف :” الفارسية هي اللغة الأم واللغة الثقافية والتاريخية لجميع الإيرانيين”. فهكذا ينظر جميع الحكام وصناع القرار في الأنظمة الإيرانية المتعاقبة الشمولية بنظرة دونية للشعوب الأخرى في جغرافية إيران الحالية، ضاربين كل القوانين الدولية التي وقعوا عليها في الأمم المتحدة والتي سنوها أنفسهم بدستورهم، كلها بعرض الجدار. 

فرغم تباين التصريحات الدعائية للأنظمة الإيرانية المتعاقبة خلال القرن الأخير، ولا سيما في الحملات الإنتخابية حول حقوق الشعوب في مختلف المجالات، إلا أنها لا زالت حبر على ورق وهذه العقليات العنصرية لا تعترف لا بالحرية ولا بالديمقراطية ولا حقوق الإنسان.

ومن ضمن المواضيع التي نوقشت كثيرا وعلى مختلف الأصعدة والذي لم يحقق أي تقدم حتى اللحظة، وذلك على الرغم من  الأثمان الباهظة التي دفعها النشطاء من الأحوازيين، والشعوب الأخرى، هو موضوع حق التعليم باللغة الأم.

اللغة الأم هي ركن مهم من الهوية الفردية والإجتماعية والثقافية لكل شخص، ويلعب التعليم باللغة الأم دورا أساسيا وحاسما في تنمية الأطفال كما يعزز فيهم الثقة بالنفس وتقدير الذات والأمن النفسي. إذن اللغة الأم ليست مجرد وسيلة تواصل، بل منصة للتعبير عن المشاعر وتكوين الذاكرة والارتباط الثقافي أيضا.

إن حرمان الشعب الأحوازي من التعليم باللغة الأم أفرز تحديات ومصائب كثيرة تمثلت بالجهل والأمية والتخلف وانتشار الإدمان والنزاعات العشوائية والانحرافات السلوكية والجنوح الأخرى، تؤكد الإحصائيات الحكومية أن نسبة الأمية (وللتأكيد أن معيار الأمية في إيران لا يزال يطلق على عدم القدرة على القراءة والكتابة فحسب) في الأحواز مرتفعة جدا حيث تصل إلى 511 ألف شخص أمي. وبهذه الإحصائية أصبحت الأحواز في المرتبة 3 بانتشار الأمية  في جغرافية إيران. والجدير بالذكر أن هذه الإحصائية شملت الفئات العمرية ما بين 10 إلى 49 سنة، وإذا ما أردنا شمول كل النسمة فتصبح النتيجة كارثية.أيضا أن35 في المئة من هذه الإحصائية تختص بالرجال 65 في المئة بالنساء.(عصر ما الأهواز 2019/1/1) 

 

 

 

وبسبب عائق اللغة لا يستطيع المعلم بناء علاقة حميمة وودية مع الطالب لاسيما في المدارس الإبتدائية التي هي من المراحل الأساسية في التعليم، فلذلك لن يصبح المعلم عاجزا في التعامل الكلامي فحسب بل أيضا لا يستطيع فهم مشاعر وعواطف الطفل البريء وبهذا السبب ينعدم شرط مهم في التعليم وهو التعامل الحميم والعلاقة الحسنة بين المعلم والتلميذ، لأن تتكون العلاقة بين الطرفين على أساس اللغة وهي الأداة الفاعلة والمهمة في عملية التعليم ومن دون التعليم باللغة كيف تحصل المعرفة؟

التعليم باللغة الأم سيكولوجيا يؤدي إلى الاستيعاب الجيد للمواد الدراسية ويضمن التنمية المعرفية للفرد، ومن الناحية الإجتماعية يسهل على الطفل الاندماج في بيئته الاجتماعية فضلا عن إن اللغة الأم عنصر ثقافي مهم تربط الفرد بماضيه الثقافي. وعاطفيا يؤدي استخدام اللغة الأم في التعليم إلى استمرار الرموز اللغوية وبالتالي يمنعه من الانفصال العاطفي الناتج عن عدم استخدام اللغة الأم ويزيد من كمية ونوعية التعاملات في بيئة المدرسة ويزود الطلاب بالأداة الرئيسة للتفكير ألا وهي التعامل والتواصل مع الآخرين.

إن العقلية الفارسية بدلا من حلحلة المشكلة بشكل علمي ومنطقي تحاول قمع المطالبة الحقة، في تصريح حذر للمير العام للشؤون الإجتماعية والثقافية في الأحواز، مهرداد موسوي، أن 30 ألف طالبا انقطعوا عن التعليم بسبب عدم فهمهم ويلقي باللوم على الوالدين لأنهم يعلمون أبناءهم العربية، لغتهم الأم، فحسب ويستمر بقوله أنه لابد من محاربة اللغات الأجنبية ، كما أقر بتأسيس أمانة عامة لتعزيزالفارسية في الأحواز. (وكالة انباء رهياب نيوز2021/9/20).

المواثيق الدولية لضمان حق الإنسان في التعليم باللغة الأم:

هناك مواثيق واتفاقيات مهمة في الأمم المتحدة تضمن حق التعليم للجميع وإيران من ضمن الدول التي وقعت على تلك المواثيق إلا أنها لم تلتزم بها ولا تعير لها أي اهتمام، من بينها اتفاقية إزالة التمييز في مجال التربية والتعليم عام 1960 واتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز العنصري عام 1965 واتفاقية إزالة التمييز الديني 1981 واتفاقية الحفاظ على الحقوق القومية والدينية 1993 وغيرها من المواثيق الدولية.

وجدير بالذكر أن إيران حتى لم تلتزم بتعهداتها والقوانين التي سنتها في دستورها، من بينها المادة 15 التي تقر بالسماح للشعوب غير الفارسية التعليم بلغتها القومية في المدارس أو المادة 19 التي تقر بالمساواة للشعوب وترفض العنصرية، غير أن هذه المواد مجرد حبر على ورق، وإيران لن تعير لها أية قيمة وتقمع من يطالب بتنفيذها بقساوة.

صادقت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على اتفاقية حقوق الطفل في تشرين الثاني( نوفمبر) 1989 والتي تحدد حقوق الطفل منذ ولادته وتتضمن حقه في الحياة وفي الحصول على اسم وجنسية والحق في تلقي الرعاية من والديه بالإضافة إلى حق الأطفال في الحفاظ على ثقافتهم ولغتهم، وتركز بشكل جاد على أهمية التعلم باللغة الأم خلال مرحلة الطفولة المبكرة، كذلك صدر قرار دولي في 16 مايو 2007، حيث أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها A/ERS/61/266 على الدول الأعضاء المحافظة على جميع اللغات التي تستخدمها شعوب العالم وحمايتها. غير أن إيران تنتهك كل هذه القرارات بشكل ممنهج.

ريسان عبدالله

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى