انت هنا : الرئيسية » سياسة » الشرق الأوسط: هل يمكن التصدّي لإيران عبر دعم عرب الأحواز 2/2

الشرق الأوسط: هل يمكن التصدّي لإيران عبر دعم عرب الأحواز 2/2

هل يمكن للعرب التصدّي عبر دعم عرب الأحواز والأقليات الإيرانية المضطهدة كون طهران تبني مشروعها على «تحالف الأقليات؟»

الباحث العراقي: لا

أي محاولة لاستنساخ الصراع سوريا في منطقة أخرى سيؤدّي إلى الخراب

 

ما تشهده المنطقة هو سقوط مشاريع الآيديولوجيات القومية والدينية التي كان لها قابليات واسعة لإيجاد ائتلافات ووحدات مشاعرية باءت كلها بالفشل في نهاية الأمر. ما تحتاجه المنطقة حاليا ليس تحالفا إقليميا من نوع ما سبق، لا توجد له أرضية للتحقق من الأساس، بل تحالفات عقلانية على أساس المصالح المشتركة والتعامل الحكيم مع الجميع، بما فيه ما يُدعى في الخطابات الآيديولوجية بـ«العدوّ».


لن يخرج أي من الأطراف المتصارعة في السياق الطائفي القائم منتصرا، بل ستلحق الهزيمة بالجميع. وخير دليل على ذلك هو ما تشهده سوريا من قتل ودمار شامل لم يُستثنَ منه أحد، بما فيهم السنّة والشيعة أنفسهم والأقليات بمختلف اتجاهاتها السياسية. هذا مضاف لاستنزاف كبير للأموال والطاقات التي كان من شأنها أن تطوّر بلادنا وتقوي أواصر التعاون والتعامل البناء بين شعوبنا وحكوماتنا.


وعليه، فأي محاولة لتكرار الصراع القائم في سوريا في منطقة أخرى، مثل دعم مشاريع الانفصال في المناطق العربية في إيران، سيؤدّي إلى نموذج آخر من الخراب، وسيذهب بكل الفرص القليلة، التي ما زالت موجودة للتغلب على تصدّع العلاقات والتعاون الحكيم والعقلاني بين القوى المؤثرة في المنطقة.


ليس هناك أي أفق إيجابي للاستمرار بمشروع الصراع القائم، بل على عكس ذلك هناك ما يكفي من الأدلة والنماذج لإثبات الآثار السلبية التي ستلحق بجميع الأطراف في المنطقة في حال استمرارها على سياساتها التصارعية.


في المقابل يكمن الحلّ في التأسيس لخطاب عقلاني يدعو إلى التعاون البناء مع جميع الأطراف للحد من الخسارات التي تتحملها شعوبنا. وهذا يتطلب بكل وضوح الابتعاد عن الأسس القومية والدينية في الطروحات السياسية في هذا المجال. بل يجب أن تُبتَنى هذه الطروحات على أسس المصالح المشتركة، التي هي كثيرة جدا بين دول المنطقة.


من الطبيعي أن الحل العقلاني يتطلب فترة زمنية أكبر، وجهدا علميا وعمليا أوسع، ونظرة إنسانية أشمل. ولكن إذا علمنا أنه ليس هناك في النهاية حلّ سوى ذلك، وأن الأطروحات الآيديولوجية الأخرى لن تؤدي بالنتيجة سوى إلى المزيد من الخسائر، فلن نحيد عن الحل العقلاني باتجاه بدائله.


إن المنطقة لها إمكانية وقابلية واسعة لتؤسّس في المستقبل غير البعيد نوعا من الاتحاد الشامل بين كل الأطراف القائمة حول الخليج العربي أو الفارسي (ولا يهم الاسم بمقدار ما تهم المصالح الحقيقية التي تضيع حاليا وسط المعارك القائمة بيننا). يجب وضع حد لمنطق الفعل التهاجمي ورد الفعل الدفاعي، لأن ذلك لم يخلق سوى دوامة متكررة ومتصاعدة من الصراع.


المنطقة تحتاج إلى ساسة شجعان وعقلاء ليتبنوا الخطاب العقلاني ويتعاملوا مع المواقف المتضادة، وحتى العدائية، بمنطق المصالح والبحث عن الحلول العلمية للتغلّب على المشكلات، وليس الخطابات العدائية والحماسية المؤدية للمزيد من الصراع والخسائر.
التعامل الحكيم مع الصراع القومي والديني القائم في المنطقة يتطلّب دراسات علمية استراتيجية شاملة لمختلف أبعاد هذا الصراع من جهة، ومن جهة أخرى، إرادة سياسية جدية للعمل وفق نتائج تلك الدراسات. وتشمل تلك الأبعاد المواقف السياسية لبلادنا، والاتجاهات غير الحكيمة لوسائل الإعلام لدينا، والثغرات الثقافية والاجتماعية التي تمنعنا من فهم الآخر بشكل صحيح.. وغير ذلك مما يرتبط بصراع الهويات المؤدلجة والمتأزمة مع نفسها وغيرها.


ليس من الضروري علينا أن نجرّب الحربين العالميتين الأولى والثانية، وندفع بعشرات الملايين من الضحايا لكي نصل إلى عقلانية الاتحاد الأوروبي، بل يمكننا التعلّم من تجاربهم واستخدام مناهجهم وآلياتهم في التعامل مع الواقع المتصارع لدينا.

بقلم: الدكتور علي المعموري
* كاتب وباحث عراقي درس في إيران

نقلا عن: الشرق الاوسط الدولية

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى