انت هنا : الرئيسية » سياسة » الشرق الأوسط: هل يمكن التصدّي لإيران عبر دعم عرب الأحواز 1/2

الشرق الأوسط: هل يمكن التصدّي لإيران عبر دعم عرب الأحواز 1/2

ما فرص نشوء تحالف إقليمي في وجه التمدد الإيراني في العالم العربي؟

الشرق الأوسط: في حلقة هذا الأسبوع من «سجالات» نطرح سؤالين حول ما إذا كانت ثمة فرص لتأسيس تحالف إقليمي يقف في وجه التمدّد الإيراني في العالم العربي. وفي هذا السياق نطرح سؤالين يجيب عنهما أربعة من المحللين والمتابعين؛ السؤال الأول: هل ثمة فرص لنشوء تحالف إقليمي عربي لمواجهة المشروع التوسّعي الإيراني؟ ويجيب عنه الباحث اللبناني الدكتور هادي الأمين، والباحث السعودي الدكتور محمد بن صقر السلمي. والسؤال الثاني: وهل يمكن للعرب التصدّي لهذا المشروع عبر دعم عرب الأحواز والأقليات الإيرانية المضطهدة، كون طهران تبني مشروعها على «تحالف الأقليات»؟ ويجيب عنه الكاتب والمحلل السياسي اللبناني لقمان سليم، والدكتور علي المعموري الكاتب والباحث العراقي المتخرج في إيران.

 جاء الرد الأول كالتالي:

هل يمكن للعرب التصدّي عبر دعم عرب الأحواز والأقليات الإيرانية المضطهدة كون طهران تبني مشروعها على «تحالف الأقليات»؟

 

نعم .. نكره النظام ولكن المسألة الأهم هي «كيفية» كراهيته

 

لا يحتاج المرء أن يكون سوريا أو لبنانيا، (شيعيا أو سنيا)، أو حتى إيرانيا ليكره إيران.. (إيران النظام). حسبه أن يكون شاعرا، حتى بلغة منسيّة أو مندثرة، وليس بالضرورة شاعرا أحوازيا، وحسبه أن يكون مجرّد مطالع هاوٍ لأحوال العالم، لا سيما هذه المنطقة منه، ليكرَه إيران تلك. أما إن اتفق له أن كان سوريّا يعد سنوات البؤس البعثي، كما يعدّ البراميل المتفجرة، أو لبنانيا يدفع يوميا ثمن استيلاء «حزب إيران» على الحياة السياسية في بلده، أو إيرانيا ضاق ذرعا بجنون العظمة المهدوي، فحدّث ولا حرج.

هؤلاء، وأمثالهم كثير، ممن دفعوا، قبل سواهم، ثمن التمدد الإمبراطوري لـ«إيران النظام» تلك من قبل أن تنتخب روحاني رئيسا للجمهورية، ومن قبل أن نَحَّت جانبا عداوة «الشيطان الأكبر»، بل من يوم أن أثبت خاتمي، سلف روحاني في حلاوة اللسان، فشل «الإصلاح» مع «ولاية الفقيه» وفي ظلها، هؤلاء لا يحتاجون إلى من يبشّرهم بأنه لا مستقبل يُرَجّونه لمواطنيهم ولبلادهم، إيران ضمنا، طالما أقامت «إيران النظام» على حالها من الجبروت، وطالما أقاموا، هم، على حالهم من «الاستضعاف».

 

أقول قولي هذا، على بيّنة مما هو عليه من إرسال ومن مبالغة، حسما لأصل المسألة: دفاعا عن النفس، إن لم يكن إلا هذا، لا مفرّ لنا، الآن، وهنا وهناك، من طهران نفسها إلى غزة، مرورا بالمنامة وبغداد ودمشق وبيروت وسواها، لا مفرّ لنا من أن «نَكْرَهَ إيران». على أن بيت القصيد ليس أن نَكْرَهَ إيران، ولكن «كيف نكرهها»؟

 

«كيف نكره» إيران، بحيث يؤدي هذا الكُره الغاية السياسية المنشودة منه، فيساهم في هذه اللحظات الحرجة من الجَزْر الوطني والقومي على امتداد العالم العربي. وفي هذه اللحظات الحرجة من استعلاء العدمية تحت شتى عناوينها، بما في ذلك العناوين المذهبية، و«إيران النظام»، بصرف النظر عن يدها الطولى خلال العقود الماضية، فيما نحن فيه اليوم من جزْر ومن عدَمية هي المستفيد الأول منهما؛ فيساهم في الحفاظ على أفق ما مفتوحا، لا بل متخيَّلا، خارج هذا الجَزْر وتلك العدمية، ويؤسس، يوما ما، على الأرجح ليس بالقريب، لتسوية مع إيران متحرّرة من أوهام القوة، ومن مطامعها القورشية.

إذا كانت الأسباب الموجبة لـ«كره إيران»، في كل مكان من الأمكنة التي نجحت إيران تلك في إخضاعها لغلبتها، أو حيث لا تزال محاولاتها في سبيل ذلك قائمة على قدم وساق، وفي صفوف كل الجماعات التي فرضت عليها إيران تلك ولايتها باسم «الفقيه» أو باسم المصالح العليا لـ«الأمّة العظيمة»، إذا كانت تلك الأسباب تحصيل حاصِل، فلا بد لهذا الكُرْه الذي يجب أن يُحمل على محمل الطاقة الخام الآيلة للتّصفية والتكرير، اللهم أن ندعه يُهدَر في مصارف العَدَمية.. لا بد لهذا الكره، المختلَف في مآتيه وفي تعبيراته وفي مفرداته أيضا، من أن يُوَظّف في مشروع عام، أو قل في مشاريع موضعية عدة تحت مظلة مشروع عام، لا بأسَ أن يُوصف سِنانُه بـ«العربي» طالما أن العروبة التي يحيل إليها ليست العروبة المستلهمة وثنيات «الدم» و«الأرض»، وإنما عروبة قيم ومصالح جامعة، وألا يُسْتَحى من أن يكونَ لكل واحد من هذه المشاريع مراسيمه التطبيقية.

 

اليوم، في 2014، علينا أن نُسَلِّم بأن إيران التي كرهنا في السرّ لعقود، والتي بات أضعف الإيمان إشهار الكره لها، أنجزت تسللها إلينا وتغلغلها في حياتنا.. وأنها اليوم تتقدم بيننا، وعبر حدودنا الداخلية، وفي حواضرنا حاسرة الوجه لا مبالية بسفورها هذا، مطمئنة إلى خلو الميادين التي تتقدم فيها من أي «مقاومة» يمكن أن تعترض طريق تقدمها.

 

مقول القول إن إدارة العلاقات العربية – الإيرانية بالإحالة إلى مفردات «سياسة الجوار»، وأدواتها المختلفة، سواء اتخذت سياسة الجوار هذه منحى انفتاحيا «تسوويا»، أم اتخذت منحى توجسيا صداميا، بات قاصرا عن الإحاطة بواقع الحال المستجدّ.. بحكم ما نجحت إيران في غزوه من العالم العربي، من يوم أن كان «تصدير الثورة» بندا صريحا على جدول أعمال «النظام» إلى يومنا هذا، ناهيك بردعه أو باحتوائه.

 

أضف إلى ذلك أن أيما سياسة ترى إيران على أنها «جوار» تتنازل، بل قُلْ تتخاذل، ابتداءً، عن السعي إلى إحصاء الأضرار التي ألحقتها «إيران النظام» بنا، وبعلاقة الجوار بين العالم العربي وإيران، وتسقط من الحسبان، استطرادا، موجب جبر هذه الأضرار.

 

من ثم، ولأنه على المرء في الحَرْبِ، على ما ينصح المثَل الفرنسي، أن يتصرّف كما لو أنه في الحرب، فلا مضيعة للوقت في التمَلّي من سياسات النظام النازي حيال الجماعات المزعومة «جرمانية»، من بولندا إلى الفولغا، أو ما يُعرف بـ«الفولكس دويتشه»، لتشخيص سياسات إيران تلك. ولا حرج، ولا مبالغة، ولا مثالية على الإطلاق من التّوسّل، بـ«كُرْه إيران» (النظام)، ومن تزكية الاستثمار في صياغة منظومة جديدة من «الكُرْه الذّكي» لها، شريطة أن تكون لحمة هذه المنظومة وسداها سد الذرائع المذهبيّة التي تسللت منها إيران إلينا قبل ما تمكّنته.

بقلم: الكاتب والسياسي لبناني، سليم لقمان

نقلا عن: الشرق الأوسط الدولية

 

كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى