انت هنا : الرئيسية » التیار الوطني » بيان رقم واحد

بيان رقم واحد

(رقم 1)

بسم الله الرحمن الرحيم

بدأ مسلسل المآسي و الاضطهاد و الحرمان و التمييز  العنصري ضد الشعوب الايرانية و المكونات الأساسية للدولة الايرانية  Iranian State)) بشكل عام و الشعب العربي الاحوازي بشكل خاص، مع الاطلالة الجديدة للدولة القومية الايرانية (Iranian  Nation  state ) الحديثة في ايران عند مطلع القرن العشرين، المستوحاة و المستنسخة بشكلٍ مشوّة من التجربة الأوروبية بالقرنين 18و 19 للميلاد. حيث كان عرّابو تلك السياسة ثلّةً من المثقفين المتأزمين و الباحثين عن الأمجاد الفارسية الموهومة في غياهب التاريخ و بيوت النار و ما نسجت بنات افكارهم من أوهام و من بين هؤلاء كان سياسيون مجوس في خدمة الأمبراطورية البريطانية من أمثال « شابور ريبورتر» و « اردشيرجي ».

 و علي إثر ذلك تم استبدال التجربة اللامركزية لإيران التي ولدت من رحم التاريخ و التي ترسّخ بُناها( (Structure السياسي و الثقافي و الأقتصادي والأجتماعي علي مدي آلاف السنين بتجربة مستنسخة مشوّهة من المشروع الأوروبي للدولة القومية.

 و نري بوادر تلك السياسة مع إعتلاء رضا شاه سدّة الحكم في ايران حيث بدأ مسلسل القتل و التهجير و التنكيل و التطهير العرقي (Genocide  &  Ethnocide) ضد الشعوب الإيرانية. و كان للشعب العربي  الاحوازي من تلك السياسة العنصرية، حصّة الأسد! و أتّخذ هذه التصرفات كسياسة منهجية للتطهير العرقي ضد شعبنا العربي الأصيل من قبل عرّابو تلك السياسات غير الإنسانية من أمثال « محمود أفشار » و غيره. و استمرت حتي اندلاع الثورة الإيرانية (سنة 1979م.)  و التاريخ خير شاهد على ذلك حيث يذكر نماذج مروعة من تلك السياسات البغيضة حيث شملت تهجيرالرجال و النساء و الشيوخ و الاطفال الى مركز ايران و شماله، و حرق  الحرث و النسل و مصادرة الاراضي!

و في المقابل كان شعبنا أوفي و أبعد نظرةً من هؤلاء التعسّفيين الظلمة إذ لم يفرّط بدوره في الحفاظ على الوطن كمواطن واعٍ فتناسى كلّ ما مورس ضده من تعسّف واضطهاد . و ايماناً منه بمبادئ الثورة الإسلامية، ساهم مساهمةً رائعةً في دعم الثورة و انتصارها، مستبشراً بعدالتها متوخياً مواقف رسمية لتفادي ما مرّ عليه من ظلم و اضطهاد و حرمان.

و بعد استتاب الأمر أخذ شعبنا يطالب السلطة الجديدة بتصحيح الماضي و وقف تلك السياسات و مضاعفاتها و فتح صفحة جديدة من بناء الثقة و مدّ جسور العلاقات بين الشعب و السلطة و ذلك عبر مؤسسات الشعب العربي الفتية.

 لكن سرعان ما انقلب رفاق الأمس (1)علي الشعب  العربي في مطالباته الحّقة ، فمسك التيار الديني المتزمت (بزعامة الجزّار خلخالي) و الشوفينيون المتمثلون في « الجبهة الوطنية» و    « حركة الحرية» من أمثال « الاميرال احمد مدني » و « امير انتظام» و « ابراهيم يزدي » بزمام مبادرة مواجهة الشعب و مارسوا أبشع أشكال القمع و التنكيل بحق الاحزاب و المؤسسات الناشطة، فكانت الاربعاء السوداء ( مجزرة المحمرة في 9/3/1358) و التي سقط فيها مئات الشهداء و تم اعتقال و اعدام مئات آخرين من نشطاء الشعب السياسيين من أروع حصيلة تلك السياسات .

و استمر مسلسل القهر لهذا الشعب طيلة الحرب العراقية الايرانية و كان ابرز صفحات هذه الفترة قمع النتفاضة الشعب سنة 1364 حيث أعرب شعبنا عن استيائه لتسميته بـ« الغجر» (الكواولة)  في جريدة « اطلاعات ».

 و مع وصول هاشمي رفسنجاني الي الرئاسة و التفاف التكنوقراط المتمثلين في جماعة      « كوادر البناء» ( كارگزاران سازندگي)(2 )من حوله ، أخذت تلك السياسات غيرالإنسانية منحىً خطيراً في تبنيه خططاً جديدةً ضد ابنائنا:

 اولاً؛ و بالرغم مماعاناه شعبنا من ويلات الحرب- انهدام البيوت و القرى و المدن و انهيار البنية التحتية و نزوح الناس الى مدن ايران الاخرى قام النظام بمحاولة لاسكان النازحين في المدن النائية، بدلاً من الأخذ بأيديهم و تشجيعهم على العودة الى مدنهم و اعمار ما خلفته الحرب من دمار.

ثانياً؛ ترك الاراضي الملغومة على حالها و اقتطاع اراضي شاسعة بمحاذاة الحدود لخلق  حزام أمني يفصل العرب عن المناطق الحدودية و التي كانت مأهولةً بالسكان و مصدراً للقمة عيشهم .

ثالثاً؛ مصادرة الاراضي بحجة أقامة مشاريع قصب السكر، أضف الى هذا المشروع، حجز أراضٍ شاسعة لإنشاء معسكرات و ثكن عسكرية و غابات صناعية و مؤسسات خاصة للبسيج و.

رابعاً؛ انشاء سدود متعددة و تغيير مسار انهر كارون و الكرخة و الجراحي و اقامة مشاريع ضخمة لنقل المياه الى المحافظات النائية مثل كرمان، اصفهان، يزد و قم . و ذلك ليس للشرب فحسب، انما لري الحقول الزراعية و توفير المياه للمنشآت الصناعية.

خامساً؛ افتعال سيول جارفة لتدمير الاراضي الزراعية و تخريب القرى لإضعاف المواطنين و تشريدهم بغية تسيهل مصادرة اراضيهم . و مما يجدر ذكره هنا أنّ هذه السيول تأتي في اطار خطط شيطانية لاسكات أصوات الناس المتعالية المحتجّة ضد قلة المياه في مناطقهم و عدم صلاحيتها للشرب لملوحتها. و أيضا تبرير مشاريعهم لنقل المياه لصالح المشاريع المذكورة آنفاً .

و كل هذه السياسات الاستيطانية العنصرية تمت ضمن التعميم رقم 416 3ب- 2/971 بتاريخ 14/4/1371 الصادر عن مجلس الأعلى للأمن القومي، الذي كان يترأسه هاشمي رفسنجاني آنذلك . و رقم تنفيذ تلك السياسات بشتي أساليب التهديد والتطميع والترهيب واستخدام السلاح كما حدث في واقعة « قرية قلعة الطرفي» و من البديهي خلفت هذه السياسة مضاعفات اجتماعية و سياسية لدي أبناء شعبنا يمكن الاشارة اليها كما يلي :

اولاً : سكن نازحو الحرب في ضواحي مدينة الاحواز و عبادان و معشور و… لعدم استطاعتهم من الرجوع الي قراهم و مدنهم بعد انتهاء الحرب، و ذلك بسب الحزام الامني المشار اليه سلفاً و سائر العراقيل التي وضعت امامهم . بالاضافة الي هولاء النازحين، نري لفيفاً آخر ممن صُودرت اراضيهم نتيجة المشاريع الاستيطانية. فتفشت في أوساط هؤلاء التُعساء ظواهر اجتماعية مأساوية كالإدمان و التجارة بالمخدرات و السرقة و السطو المسلح و شتى الأمراض الجسمية و النفسية.

ثانياً : بالاضافة الي كل ما اشرنا اليه من سياسات النظام و المضاعفات الناجمة عنها، نرى النظام مستمراً في نهجه و كأنه لا يعرف لنفسه حداً في ممارساته الاجرامية. ففي إطار هذه السياسة بحق شعبنا، بادر النظام الى الزج بآلاف الفرس و الآذريين و اللُر و غيرهم الى الاحواز وعبادان و المحمرة و معشور و رامز لقلب التركيبة السكانية لصالح غير العرب. فوفر النظام لهؤلاء الوافدين كافة اسباب العيش و السكن و الراحة ، و احتكر لهم الوظائف الحكومية الهامّة و دَعَمَ مشاريعهم الاقتصادية الخاصة بمنحهم قطعاً أرضية من الاراضي المصادرة، و تسهيلات مصرفية بأرباح منخفضة جداً و في المقابل، لا يحصل العرب الّا على مشاغل دونيّة كالحراسة و الكناسة و التنظيف و السياقة و ما شابه ذلك من أشغال!!

و نتيجةً لهذا الضعط التعسفي المغاير لأبسط الحقوق المدنية و الإنسانية، و القانونية، اضطرت الفئة الدارسة الي مهاجرة اوطانهم ليسكنوا غرباء في مدنٍ نائيةٍ داخل ايران أو بعض الدول العربية و الأجنبية!

فبرز استياء شعبنا من هذه التناقضات في السياسات العنصرية الى العيان في الإنتخابات الرئاسية في دورتها السابعة (2/3/1376) حيث قال كلمته الفصل « لا لمرشح السلطة»! –  معولاً على الشعارات الرنانة لتحقيق الديمقراطية لكافة الشعوب في المجتمع الايراني و التي نادي بها الرئيس خاتمي و مناصريه- ادلى بثمانين في المئة (80% ) من أصواته لصالح مرشح التيار الإصلاحي .

و كانت الرسالة التاريخية من قبل الناشطين السياسيين و المثفقين الاحوازيين سنة 1377 هـ و التي احتوت على عدة مطالبات للشعب العربي الاحوازي و كانت مكافأة خاتمي لشعبنا أنه لم يتحمل عناء الرد على تلك المطالبات الحقة و بدلاً عن دراسة و تحقيق تلك المطالبات و النقاط التي ورد ذكرها في تلك الرسالة الشاملة كان هذا البلاغ التعميم الذي هو ترجمة عملية للجنوسيد و الأثنوسيد و الاستلاب و التمييز العنصري المخالف للمادة الاولي و الثانية للأعلان العالمي لحقوق الأنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحده برقم 217 الف (د-3) في 10 كانون الاول / ديسمبر 1948 م و الماده الاولى و الثانية و الثالثة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الأقتصادية و الاحتماعية و الثقافية برقم 2200 الف (د-21) المؤرخ في 16  كانون الاول / ديسمبر 1966 م و اعلان الامم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري الصادر عن الجمعة العامة برقم 1904 (د- 18) المورخ في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1963 م و الاعلان بشأن العنصر و التمييز العنصري الصادر عن المؤتمر العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة في دورته العشرين يوم 27 / تشرين الثاني  نوفمبر 1978م و الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري و المعاقبة علييها الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة برقم 3068 ( د- 28) المؤرخ في 30 تشرين الثاني / نوفمبر 1973م و المادة الاولي و الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة و الثامنة للأعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين الى اقليات قومية او أثنية و إلى أقليات دينية و لغوية، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 47 / 135 المورخ في 18 كانون الاول/ ديسمبر 1992م.

و من أهم ما ورد في ذلك البلاغ التعميمي المنشور على موقع مركز دراسات الاحواز :

1-  يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللازمة بحيث يتم خفض السكان العرب في خوزستان       ( الاحواز ) بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساساً او المهاجرين الي 1/3 و ذلك خلال السنوات العشر القادمة.

2-  في سبيل زيادة هجرة الاقوام الاخري و خاصة القومية الآذرية الي محافظة خوزستان ، أضافة الي التسهيلات الواردة في المذكرة رقم 7-5-1971/2ب 3- 416و المورخة في 14/4/1371 أتخذت تسهيلات أكثر سوف يعلن عنها تباعا.ً

3-  من الضروري اتخاذ التدابير اللازمة و العمل علي زيادة تهجير الشريحة المتعلمة منهم الي المحافظات الايرانية الاخرى كمحافظة طهران و أصفهان و تبريز.

4-  العمل على إزالة جميع المظاهر الدالة على وجود هذه القومية و تغيير  ما تبقي من الأسماء العربية و المحلات و القرى و المناطق و الشوارع.

5-  في الوقت الذي نؤكد على سرّيّة هذه الخطة نرى من الضروري الاستفادة من العناصر العربية الموثوق بها ( العميلة) كوسيلة من أجل تنفيذها .

بالنسبة للفقرة الاولى في هذا البلاغ التعميم كل المؤشرات و الواقع المكرس على الأرض يدل على ذلك . فأخذت مئات الآلاف من الفرس و اللر و الآذريين يتوافدون الي مُدن الاحواز من أجل تغيير هوية هذه المنطقة. و ما مشاريع بناء المدن الجديدة مثل شيرين شهر و إلّا ترجمة حرفية لما ورد في هذه الفقرة. اما بالنسبة للبند الثاني فقد تمّ استبدال الفرس بالآذريين و بالاخص اللر و ذلك بسبب هيمنة محسن رضائي على المجلس الأعلى للامن القومي و هو سكرتير المجلس و المنحدر من البختيارين اللر و كذلك لعب عامل الجوار الجغرافي لهؤلاء ( اللر البختياريين ) دوراً مهماً في هذه العملية حيث يقطن معظم هؤلاء في مناطق جبال زاغرس وجهارمهال و شمال الاقليم.

حيث أصبح اعداد اللر و الآذريين والفرس في مدن الاحواز ملحوظاً بعد أن كان لاتتجاوز نسبتهم الواحد بالمئة عند مطلع القرن أستناداً للاحصاءات الحكومية.

أما بالنسبة للبند الثالث سبق التعليق عليه في سياق هذا البيان .

وبالنسبة للبند الرابع نلاحظ بوضوع ارتفاع شدة وتيرة تغيير أسماء المناطق و الشوارع و الأزقة و كذلك وضع العراقيل في تسمية العرب لأبناءهم بالاسماء عربية حيث يتم تحديد الأسماء مسبقاً في كتاب رسمي صادر عن «السجل المدني » و لا يسمح لأختيار الاسماء خارج ذلك الكتاب الّا في حالات نادرة جداً. ونلحظ بوضوع ظاهرة ثنائية الأسماء( العربية _ الفارسية) للأشخاص و المدن و القري و المناطق .

أما بالنسبة للبند الخامس فهذه السياسة و المنهج أتخذتها الحكومات و السلطات المتعاقبة في ايران و هي علاقة المركز بالمناطق القومية أو ما يطلق عليها أصحاب نظرية النظام العالمي الجديد من أمثال غوندر فرانك ، ايمانوئل والرشتاين و سميرأمين علاقة المتروپل بالقمر و تثبيت هذه العلاقة من خلال النخبة الكمبرادورية. هذا الدور الذي تغير لاعبوه في الفترات التاريخية المختلفة من تاريخ هذا الشعب حيث لعب هذا الدور زمن النظام الملكي البائد بعض زعماء العشائر و رجال الدين و موظفو الدولة و بعد سقوط النظام الملكي لعب هذا الدور بعض الشيوخ و رجال الدين و الاحزاب السياسية المنطوية تحت لواء السلطة بأمتياز. و أخذت الاحزاب السياسية بعد الثاني من خرداد سنه 1376 هـ لعب هذا الدور بشكل رخيص حيث تسوّق الاوهام بصورة مشاريع سياسية و ثقافية و أجتماعية و تأطر السراب و فتات الحقوق القومية علي أنها منحه من قبل صانع القرار السياسي و المتربع على سدة الحكم في طهران و يبرز دورها في الفترات الأنتخابية من أجل الحصول على صوت الناخن العربي حيث نشهد بالأونة الأخيرة سلسلة أجتماعات من هذه القبيل من أجل تسويق تلك الاوهام من جديد .

وفي الختام يرجي تكثير تلك الوثيقة و أيصالها لأكبر عدد من المواطنين لكي يتسنى للمواطن الاحوازي معرفة تفاصيل ما يدور حوله من سياسات عنصرية جمة و كذلك التعامل مع الواقع المكرس بروح التحدي و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة.

ترقبوا بياناتنا اللاحقة  

التيار الوطني الديموقراطي في الاحواز

 20/1/84 مصادف 9/4/2005                              

 

هوامش:

1_ اتفق الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني ( الزعيم الروحي للشعب العربي الاحوازي في تلك الفترة)مع زعيم الثورة الاسلامية (اية الله الخميني) علي مشاركة العرب باضطرابات و اعتصامات مؤسسات النفط والموانئ،اٍثناء تواجد الاخيربالنجف وفي المقابل تعهد آية الله الخميني بدعم تحقيق كافة الحقوق المسلوبة للشعب العربي الاحوازي و وقف كافة السياسات المنهجية من قبل النظام الملكي ضد الشعب العربي كما تعهد الشيخ الخاقاني بدفع مخصصات شهرية لزعيم الثورة.

2_ جماعة كوادر البناء، هُم من المعتقدين بمكتب التحديث ( مكتب نوسازى) في السياسات القومية القائلة بأن الهويات دون الوطنية (هويتهاى ما قبل ملى)  مثل القبلية و الطائفية والأثنية، ستضمحل خلال عملية التحديث الصناعي و المواصلات وتوسع الاتصالات والاعلام المرئي والمسموع الموجه فيجب التسريع في تلك السياسات من تغيير الواقع الديمغرافي و تغيير اللغة و صهر الناطقيين بها في بوتقة القومية الفارسية ولغتها المسيطرة من اجل احتواء الازمة القومية في ايران.                                                        

 


كافة حقوق النشر محفوظة لموقع بادماز. ما ينشر في هذا الموقع لايعبر بالضرورة عن موقف التيار الوطني العربي الديمقراطي في الاحواز.

الصعود لأعلى